سبق للسلطات الإقليمية مع بداية التسعينات أن أنجزت لوائح خاصة لجميع العائلات وزودتهم ببطاقات التمويل من أجل الاستفادة من 50 كلغ من الدقيق المدعم شهريا ،وخصصت لهذا الغرض نقطا للبيع موزعة عبر جميع الأحياء بطانطان والجماعات القروية ،وزودت الموزعين بلوائح المستفيدين من هذه المادة الحيوية التي يستفيد منها كذلك جميع الأفرنة بالإقليم. لكن الخريطة السكانية لطانطان تغيرت حيث أن مجموعة من العائلات انتقلت سنة 1992 إلى مخيمات الوحدة بكل من العيون والسمارة، كما أن عددا من الأسر غادرت الإقليم،وحلت به عائلات أخرى ، إضافة إلى النمو الديمغرافي الذي عرفه الإقليم 58.000 نسمة سنة 1994 و 70 ألف سنة 2004 ،و86.134 نسمة (19472عائلة) سنة 2014. وكذلك فإن مجموعة من العائلات لا تستعمل هذا النوع من الدقيق لعدم جودته. وقد سبق لهذا الموضوع أن نوقش في عدة دورات بالمجلس البلدي والمجلس الإقليمي لطانطان. وللإشارة فإن القسم الاقتصادي للعمالة ومكتب التسوق والتصدير يسهران على تتبع وصول الحصة الخاصة بطانطان وهي كما سبق الذكر 680 طن التي تستورد من مطاحن بتزنيت وايت ملول بأكادير. وللإشارة فكما هو معروف لدى الجميع، فإن حوالي 240 طن من هذه المادة الحيوية لا توزع على مستحقيها بل هي ممنوحة على شكل امتياز لفائدة مجموعة من الوجهاء وذوي النفوذ يستفيدون من أرباح حصص ما بين 3 أطنان و 15 طن،وهذه الحصة هي التي تهرب إلى أقاليم أخرى. علما إن الكيس (50 كلغ) من الدقيق المدعم ثمنه 50 درهما بينما يباع في السوق السوداء بأكثر من 100 درهم حسب العرض والطلب. علما أن مجموعة كبيرة من العائلات الفقيرة لا تستفيد من هذه المادة الحيوية. وبالتالي فقد أصبحت تلك اللوائح التي أنجزت سنة 1992 (23 سنة ) متجاوزة. وبعد النداءات المتكررة لذوي النيات الحسنة ومنها البيانات المتكررة التي أصدرها حزب الاستقلال بطانطان في اجتماعاته الإقليمية والجهوية في عدة مناسبات. وتناول هذا الموضوع من طرف جريدة "العلم" انكبت السلطات الإقليمية منتصف 2008 على دراسة هذا الملف واتخذت إجراءات ترقيعية تتمثل في دراسة الطلبات الواردة على المقاطعات للاستفادة من الدقيق المدعم حتى يتمكنوا من إضافتهم في اللوائح للاستفادة من هذه المادة لكن بدون جدوى. عملية توزيع الدقيق المدعم من طرف الدولة تدخل ضمن مجموعة من الإجراء ات الرامية الى مساعدة الفئات الفقيرة،ونظرا لأهمية هذه المادة الحيوية ضمن النظام الغذائي للمغاربة، فإن توزيعها يجب ان يتم بطرق ديمقراطية دون اقصاء أو تمييز و بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، ولهذا الغرض جاء قرار الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة القاضي بنشر لوائح الموزعين وعنواينهم والكمية الممنوحة لهم وتعليقها بمقرات الجماعات المحلية ، كإجراء وقائي للحد من كل أشكال التلاعب التي قد تطال عملية توزيع المادة الأكثر استهلاكا لدى المغاربة .وكذلك يجب تحيين اللوائح القديمة للمواطنين المستفيدين من الدقيق المدعم ونشرها بنقط التوزيع، تماشيا مع خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الاربعينية لانطلاق المسيرة الذي أشار فيه إلى الحد من اقتصاد الريع. وعلمنا عبر عدد من المواقع الاخبارية أن عناصر من الدرك الملكي في بلفاع، ضواحي اشتوكة آيت باها، تمكنت خلال هذا الاسبوع من ضبط أطنان من الدقيق الوطني المدعم، محملة على متن شاحنة من الحجم الكبير، ذاهبة من طانطان حيث تم اعتقال سائقها المنحدر من نواحي طانطان وتقديمه للمحكمة الابتدائية في إنزكان، تمهيدًا لمُحاكمته. وأضافت نفس المواقع أن الشاحنة المحجوزة كانت متوجهة الى مدينة ايت ملول ،قصد افراغ حمولتها بأحد المستودعات السرية هناك، وتوزيعها بعد دلك على المحلات التجارية . والبحث لا زال جاريا من طرف النيابة العامة من أجل كشف كافة الملابسات والمتورطين في العملية.