كشفت مصادر أوروبية، الأحد الماضي، أن الاتحاد الأوروبي وضع خطة شاملة لمساعدة دول إفريقيا حيث سيكون الدعم المادي من أبرز الوسائل للحيلولة دون هجرة المزيد من اللاجئين نحو أوروبا. مؤكدة أن القمة الأوروبية الأفريقية التي ستلتئم على مدار يومي الأربعاء والخميس القادمين ستحث البلدان الأفريقية على "إعادة قبول" المزيد من رعاياها على أراضيها مع مساعدات مالية وأيضا لوجستية ومع خطط لإعادة الاندماج. هذه الاستراتيجية الجديدة ستعرض خلال القمة التي تعقد في العاصمة المالطية فاليتا، لكن الأمر بحسب المراقبين لن يكون سهلا في ظل الخلافات العميقة بين القارتين بشأن هذه الأزمة. وقال دبلوماسي أوروبي، لم تذكر هويته وكالة الصحافة الفرنسية، إنه "بالرغم من التركيز حاليا على سوريا فإن قمة فاليتا تبقى هامة جدا بالنسبة للعواصم الأوروبية لأنها تعنى بمشكلة الهجرة على المدى الطويل"، وليست الظرفية. ويتوقع أن تخرج قمة فاليتا ب"خطة عمل" مع مشاريع ملموسة يفترض أن تنفذ بحلول نهاية العام المقبل وأن تراعي هواجس الطرفين. وسيعرض الاتحاد مساعدته في مكافحة المهربين ولتثبيت الأفارقة في قارتهم عبر تشجيع المبادرات المولدة لفرص العمل وتحفيز الاستثمار خاصة في الأوساط الريفية. ويعد الأوروبيون كذلك بمساعدة القارة على مواجهة حركات النزوح الداخلي من خلال مساعدة بلدان مثل السودان وإثيوبيا والكاميرون التي تستقبل أعدادا كبرى من المهاجرين. ولتمويل كل هذه المشاريع ستطلق القمة صندوقا ائتمانيا لأفريقيا تتولى إقامته المفوضية الأوروبية، وتسهم فيه الهيئة التنفيذية الأوروبية ب1.8 مليار يورو ويتوقع أن يصل المبلغ إلى 10 ملايين يورو. وقد ناشدت الدول الأعضاء إلى الإسهام فيه بغية مضاعفة رأسماله. لكن عدة دول تتأخر في وضع يدها على محفظة نقودها. لذلك توجه إليها رئيس المفوضية جان كلود يونكر تحذيرا في الآونة الأخيرة عندما قال "كيف يمكننا بدء حوار جدي ومسؤول مع جيراننا الأفارقة إن لم نف بالوعود التي قطعناها لهم بشكل مناسب؟". وتخشى البلدان الأفريقية، وفق المتابعين، أن تكون التعبئة الأوروبية الكبيرة لصالح اللاجئين السوريين على حسابها سيزيد من تعقيد هذه المسألة لأن الزعماء الأفارقة يرفضون سياسة المكيالين التي تتبعها أوروبا معهم. وعاب وزير الاستيعاب الأفريقي السنغالي كاظم ديوب على الأوروبيين في وقت سابق اعتبار الأفارقة تلقائيا بمثابة مهاجرين اقتصاديين يجب طردهم. وقال إن "أولادنا يعانون من هذه الطرق ويفقدون عليها حياتهم، إننا نعيش بألم هذه المآسي". ودعا كاظم ديوب إلى توسيع إمكانات الزيارة السياحية والإقامة الأكاديمية والمهنية وتسهيل الحصول على تأشيرات دخول. وبين المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين الموجودين في أوروبا هناك العديد من الأشخاص الذين وصلوا بشكل قانوني حاملين تأشيرات سياحية على سبيل المثال، لكنهم لم يعودوا إلى بلدانهم على الإطلاق. البعض من الدول الأفريقية تبدو مستعدة للتعاون شرط التمكن من إرسال مزيد من العاملين بالطرق النظامية إلى أوروبا، فيما لا تبدي دول الاتحاد ميلا لفتح قنوات هجرة شرعية جديدة. ويرى الخبراء أنه في الغالب تضع البلدان التي يتحدر منها المهاجرون عوائق، مثل عمليات العودة الضعيفة جدا التي تصل إلى حوالي 20 في المئة فقط، والسبب هو أن الأموال المرسلة من الشتات في أفريقيا تفوق قيمة المساعدة للتنمية، ما يجعل منها مصدر عائدات أساسي. وستكون القمة التي تجمع قادة نحو 60 بلدا من القارتين فرصة نادرة للتصدي للأسباب العميقة التي تدفع هذا العدد الكبير من الأفارقة إلى البحث عن مستقبل أفضل لهم في أوروبا مجازفين بحياتهم أثناء عبورهم المتوسط مستقلين قوراب الموت. وكان من المقرر عقد القمة في الربيع الماضي غداة حادث غرق مأساوي في المتوسط قضى فيه 800 مهاجر تكدسوا على مركب قبالة سواحل ليبيا التي تشكل النقطة الرئيسية لطريق الهجرة التي يسلكها العديد من المهاجرين الأفارقة لأسباب اقتصادية. ومنذ ذلك الحين انصب الانتباه على طريق البلقان التي يسلكها طالبو اللجوء السوريون بأعداد غير مسبوقة حتى الآن. لكن تدفق المهاجرين القادمين من أفريقيا لم يتوقف أيضا، فيما يبدو أن الأوروبيين مصممون على إقفال الأبواب أمام الذين لا تتوفر لديهم الشروط لطلب وضع اللجوء باستثناء الأريتريين. وهؤلاء الأريتريون كانوا الأكثر عددا بين حوالي 140 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا عن طريق البحر العام الجاري، لكن المنظمة الدولية للهجرة أحصت أيضا بينهم حوالي 18 ألف نيجيري وأكثر من 8 آلاف سوداني. وانتقلت أوروبا بشكل رسمي قبل شهر إلى المرحلة الثانية من العملية العسكرية "يونافور ميد" الرامية إلى تضييق الخناق على المهربين في المتوسط، بعد اكتمال المرحلة الأولى بجمع معلومات حول شبكات التهريب.