جاء في بلاغ الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث ، توصلت به الجريدة ،أنها تدعم أي مبادرة دولية للنظر في وضعية الديون ، شريطة أن يتم ذلك في إطار ديمقراطي مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن تكون مبادئ حقوق الإنسان فوق مصالح الدائنين. وأن ينضاف إلى المبادئ التسعة ، التي أقرتها الأممالمتحدة ، الحق الثابت للدول لإجراء تدقيق شامل لديونها وتعليق سداد الديون خلال فترة المفاوضات بشأن إعادة الهيكلة ، حسب ماهو معترف به في العديد من الوثائق الدولية، مثل المبادئ التوجيهية بشأن الديون الخارجية وحقوق الإنسان، الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة يوم 18 يوليوز 2012 ، و الذي يستند في تعليق سداد الديون على أولوية حقوق الإنسان، وفقا للمادة 103 من ميثاق الأممالمتحدة ، وطبقا لحالة الضرورة التي يعترف بها القانون الدولي العرفي و الفقه القانوني. وأوضح البلاغ ، أن مبادرة الشبكة ، جاءت بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إعادة هيكلة ديون الدول ، وأنها تدخل ضمن سياق إنهاء قبضة الدائنين على مصير شعوب الدول المثقلة بالديون، والذين يستخدمون الدين كأداة ابتزاز لإملاء سياسات معادية للمكاسب الاجتماعية وإضعاف الديمقراطية. وأورد البلاغ ، نموذج بلد الإكوادور الذي قام بتدقيق شامل لدينه العمومي في الفترة 2007-2008، وعلى أساس نتائجه، اتخذ قرارا سياديا بأن لا يسدد الجزء غير المشروع من ديونه التجارية الخارجية ، وبالتالي ، فإنه لم يكن أمام دائنيه أي خيار سوى قبول هذا القرار، ومكن هذا التوفير الحكومة الأكوادورية من زيادة الاستثمار في القطاع الاجتماعي. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد اتخدت قرارا يوم 10 شتنبر 2015، بأغلبية ساحقة136 صوتا مؤيدا، و6 أصوات ضد، وامتناع 41 ، يحدد تسعة مبادئ وجب اتباعها عند إعادة هيكلة ديون الدول ، من خلال إعادة جدولتها أو تخفيضها. وحسب البلاغ ، فغرض الأممالمتحدة ، يكمن في خلق إطار قانوني دولي لإعادة هيكلة هذه الديون على المدى المتوسط ، وكذا مواجهة استراتيجية الصناديق الاستثمارية الخاصة الجشعة التي تستفيد من هذه الثغرة القانونية لتطالب الدول أمام المحاكم الوطنية بتسديد مجمل الديون التي تشتريها بأسعار بخسة، كما تطالبها بتسديد الفوائد ، علما بأن تلك الصناديق ، ليست هي الوحيدة التي تعارض إرساء هذا الإطار متعدد الأطراف. فقد صوتت ضد القرار الأممي السالف الذكر ، ستة من بين أكبر دول العالم ، منها الولاياتالمتحدة، وكندا، وألمانيا، واليابان، وبريطانيا ،ودولة " اسرائيل " رغم أنها ليست بالكبرى ، كما امتنعت عن التصويت مجمل بلدان الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اليونان ، واعتبرت الدول الرافضة للقرار الأممي أن إدارة القضايا المتصلة بالديون السيادية يجب أن تعود إلى صندوق النقد الدولي ونادي باريس . فنادي باريس – يسترسل البلاغ - هو مجموعة غير رسمية تجمع الدول العشرين الغنية الدائنة، وبأن أي واحدة منها لم تصوت لصالح القرار، وبأن الولاياتالمتحدة لا يزال لديها حق النقض الفيتو في صندوق النقد الدولي، وبأن هذه المؤسسة كان دائما على رأسها مديرا عاما أو مديرة عامة من أوروبا، وهي اليوم كريستين لاجارد من فرنسا. وبالتالي، فهاتين المنظمتين تمثلان حصرا مصالح الدائنين الغربيين في خدمة مصالح القطاع المالي ، وهو ما يفسر معاداتها لتقنين إعادة هيكلة الديون في إطار ديمقراطي مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تتساوى جميع الدول بامتلاكها لصوت واحد. ويضيف ذات المصدر ، أنه في مقابل إعادة جدولة الديون أو تخفيضها، يتم فرض شروط تتعارض مع مصلحة شعب البلد المدين ، مثل حال مئات عمليات إعادة هيكلة الديون في بلدان الجنوب التي أجراها صندوق النقد الدولي ونادي باريس ، وهو نفس الأسلوب الذي تم نهجه في موضوع إعادة هيكلة الديون اليونانية التي قام بها كل من البنك المركزي الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، وصندوق النقد الدولي سنة 2012، والتي كانت مشروطة بتعميق سياسات التقشف التي انتهكت بشكل مباشر ومتعمد الحقوق الأساسية للمواطنين وأدت إلى انفجار الديون اليونانية ، وانفجرت معها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية . وبناء على ما سبق ، وبالرجوع إلى حالة المغرب ، كواحد من دول الجنوب المتضررين من الديون الخارجية ، ومن تراكم فوائدها المدمرة ، فالسؤال الذي يطرح نفسه بهذا الصدد ، هو هل سيستفيد المغرب ، من هذه الفرصة ، أي من تحرك دول العالم الثالث ،ومن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، السالف الذكر ، بشأن إعادة هيكلة الديون الخارجية وتخفيضها . وبالتالي ، فهل هناك إرادة سياسية وطنية ، لنهج سياسات اقتصادية – اجتماعية مستقلة شيئا فشيئا عن الدائنين الجشعين ، ولا تكون خاضعة بالضرورة ألف في المائة لتوجيهات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مثل ما اعتادت عليه جميع الأطياف السياسية الحكومية المغربية في السابق ، وإلى الآن . أفليست وصفات تفكيك أنظمة التقاعد والانتقال بها من نظام التكافل إلى نظام التأمين المالي الرأسمالي ، و كذا تدمير القطاعات العمومية في الصحة والتعليم وغيرها ، هي وصفات مسمومة للمؤسسات المالية والصناديق المالية الدولية الدائنة بأعلى الفوائد على حساب قهر المواطن الفقير والمسكين.