سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نداء استغاثة يدق ناقوس الخطر.. احتياطي الدم في المغرب نفد والباقي لا يكفي لخمسة أيام: الدم مجاني لا يباع لكن تكاليف أحد منتجاته قد تفوق 3000 درهم للصفادة الواحدة *المطلوب إرجاع ثقة المواطن في المؤسسات الصحية
*مركز تحاقن الدم يدق ناقوس الخطر لأن كل المؤشرات تنبئ بالكارثة *الدول الضعيفة هي الأقل في نسبة المتبرعين بالدم: 36 في المائة من الدول الغنية مقابل 9،3 في الدول المتخلفة لا أحد كان يعتقد أن الانتخابات والدخول المدرسي وعيد الأضحى ستجتمع كل هذه العناصر الثلاث في زمن مغربي قياسي لتؤثر سلبا على عينة من المواطنين المغاربة الذين تتوقف حياتهم على قطرة دم، أو كمية محدودة من هذه المادة العضوية، التي لا حركة بدونها لأي كائن على وجه البسيطة. حياة فئة من المغاربة في خطر، تأكدت هذه المعلومة مائة بالمائة، يوم الجمعة الماضي 11 شتنبر 2015 ، حين أصدر المركز الوطني لتحاقن الدم نداء إلى عموم المواطنات والمواطنين توجه به إليهم من أجل التبرع بالدم نظرا للنقص الحاد الذي تعرفه بعض مراكز تحاقن الدم بعدد من كبريات مدن المملكة، وقد وجدت هذه المراكز نفسها في وضع لا تحسد عنه بحيث عانت أخيرا من صعوبة كبيرة لتلبية حاجيات مرضى الدم نظرا للنقص الكبير من مخزون الدم في المغرب، وتأكد لها أن الوضعية غير مطمئنة وتنبئ بالكارثة وبالأسوإ إن لم تتحرك الجهات المسؤولة على كل المستويات خاصة على مستوى التحسيس والمبادرة. الدكتورة ناجية العمراوي مسؤولة التواصل وحملات التبرع بالدم بالمركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم، لم تخف تخوفها حين صرحت لجريدة «العلم» أن لوحة المؤشرات التي يعتمدها المركز الوطني تنذر بوجود خطر محتوم، وتوحي على أن مخزون الدم المتوفر على المستوى الوطني غير كاف وأن الوضعية لا تبعث عن الارتياح، وأن الاحتياطي الوطني من مادة الدم لا يكفي للسد الخصاص المهول. وقالت العمراوي إنه لكي يكون المغاربة مرتاحين على هذا المستوى لا بد من احتياطي وطني يغطي على الأقل مدة ثلاثة أسابيع . وقالت إن هناك نقصا ملحوظا خلال شهر غشت الماضي وشتنبر الجاري خاصة في بعض المدن، حيث لا يمكن للإحتياطي فيها أن يغطي سوى خمسة أو ستة أيام، في الدارالبيضاءوالرباط وفاس على وجه التحديد، وأرجعت مسؤولة التواصل بالمركز الوطني هذا النقص إلى انشغال المواطنات والمواطنين عن التبرع في الفترة الأخيرة بالانتخابات وبالدخول المدرسي، وحاليا عيد الأضحى على الأبواب. وأكدت ان المركز الوطني من خلال إطلاقه لنداء التبرع، فإنه يدق ناقوس الخطر قبل حدوث الصدمة، ومن خلال هذا النداء أيضا المركز يوجه رسالة إلى عموم المواطنات والمواطنين على أن مرضى الدم في المستشفيات والمستعجلات والمرضى الخاضعين للعمليات الجراحية هم في حاجة إلى كمية من الدم والتي بدونها لا يمكن مواصلة تذوق طعم الحياة ومن الضروري الاستفادة من هذه الكمية في وقتها. وأوضحت أن للدم مدة صلاحية محدودة، فبالنسبة للكريات الحمراء لا تتجاوز صلاحيتها 42 يوما، أما الصفائح التي يحتاجها المرضى في المستعجلات فمدة صلاحيتها خمسة أيام فقط، والبلاسما تصل صلاحيتها إلى سنة واحدة، علما أن مرضى الدم في حاجة يوميا إلى الكريات الحمراء والصفائح، وأفادت أن مدير المركز الجهوي لتحاقن الدم بالدارالبيضاء اتصل بها اخيرا وأخبرها أن مركزه أخرج في مدة يومين 800 كلغ ما بين الصفائح والكريات الحمراء والبلاسما واعتبرت هذه الكمية كبيرة ومن الواجب تعويضها. أما في مدينة الرباط وحسب العمراوي، فإنه يتم إخراج ما بين 240 و300 كيس من الدم يوميا، الشيء الذي يعني أن الطلب في تصاعد ويفوق الكمية المتبرع بها، وأكدت على انتظام عملية التبرع لتفادي الاختلال ما بين العرض والطلب، لأنه يمكن للرجل أن يتبرع كل شهرين والمرأة كل ثلاثة أشهر. وذكرت أن هناك فترات في السنة وصفتها بالحرجة يكون خلالها المواطنون منشغلون، في العطل السنوية مثلا وشددت على التنسيق بين الإدارات والمؤسسات والمراكز الجهوية لتحاقن الدم في إطار حملات التبرع لتجاوز الأزمة والتمكن من سد الخصاص. وأضافت أن عدد الطلبات التي يتوصل بها مركز الرباط للاستفادة من الدم تتجاوز 140 طلب يوميا، فيها طلبات أكياس الكريات وفيها أكياس من الصفائح، وهذه الطلبات في تزايد مستمر معللة ذلك على أن مرض السرطان أصبح يعالج بالمغرب، وعبرت عن تشكراتها للمتبرعين المنتظمين وللإعلام على مواكبته للحملات ولنداءات المركز، وقالت إن المواطنين يستجيبون لنداء التبرع في رمضان مما يساعد على التغلب على هذا الخصاص في الكثير من المرات. ويوجد على المستوى الوطني16مركزا في كبريات المدن والأقاليم، بالإضافة إلى 13 بنكا، أما الكمية التي يمكن التبرع بها فهي من 450 إلى 500 ملل أي ما يعادل 7 بالمائة من الكتلة الدموية، ويتم أخذ الدم تحت رعاية من طرف ممرضات وممرضين ويؤخذ الدم في أكياس معقمة ذات الاستعمال الوحيد. ويتكون الدم من ثلاثة عناصر أساسية، من الكريات الحمراء التي تعالج فقر الدم والنزيف الدموي، والعنصر الثاني هو الصفائح ويستعمل لإيقاف النزيف الدموي والعنصر الثالث هو البلاسما وهو العنصر الدموي الذي يحتوي على البروتينات الضرورية. ولأجل توفير الأدوية المشتقة من الدم وبثمن معقول للمرضى في المغرب، شرع المركز الوطني لتحاقن الدم منذ سنة 1999 من إرسال البلاسما المستخلص من دم المتبرعين بالمراكز الجهوية لتحاقن الدم إلى المختبر الفرنسي للتجزئة والبيونكنولوجيا بباريس لإنتاج الأدوية كالمعامل لتختر الدم وزلال الألبومين وثمن البيع يساوي ثمن التجزئة. ومركز الوطني لتحاقن الدم لا يسعر للمرضى ثمن كيس الدم ولا ثمن الكواشف المستعملة لإجراء التحاليل على البلاسما، فلم يكن المرضى يعالجون لأن ثمن الأدوية كان باهظا. وثمن الأدوية المحصل عليها أرخص لأنه يمثل ثمن التجزئة المؤدى للمختبر الفرنسي وهكذا فثمن الأدوية المستخلصة من بلاسما المغرب يمثل 50 بالمائة من ثمن الأدوية المستوردة، وكل إرسال سنوي ل 62 لتر من البلاسما ينتج عنه اقتصاد مهم لصالح المرضى بقيمة 11019638 درهم. وحسب وثائق المركز الوطني، فالدم مجاني لا يباع، لكن الثمن المؤدى عن الوحدة يساعد على تغطية بعض التكاليف منها الكيس الفارغ والمعقم ذي الاستعمال الوحيد، بالإضافة إلى تكاليف التحليلات المخبرية والمطبوعات وبطاقة الصنف الدموي ومصاريف التجزئة والتخزين. وفي هذا الإطار تتحدد تسعيرة بيع منتجات الدم ذات العمر القصير بنصوص القوانين المنظمة لتحاقن الدم، فمثلا ثمن 450 ملل من الدم الكامل هو 360 درهم الذي هو نفس ثمن وحدة ختارات الكريات، أما ثمن وحدة ختارات الصفيحات هو 298 درهم وهو أيضا ثمن 200 ملل من البلاسما الطري المجمد، وثمن صفادة خلايا الدم هو 3033 درهم و2938 درهم هو ثمن صفادة الكريات الحمراء. ويتكون النظام الوطني لتحاقن الدم من المركز الوطني لتحاقن الدم ومن ستة عشر (16) مركزا جهوويا وثلاثة عشر (13) بنكا للدم وتسعة وعشرين (29) وديعة لتحاقن الدم وكل هذه المراكز تابعة للمركز الوطن يالذي يعتبر مصلحة تابعة لديرؤية المستشفيات والعلاجات المتنقلة وتشتغل كل هذه المراكز تحت وصاية وزارة الصحة. الدول الضعيفة هي الأقل في نسبة المتبرعين بالدم: 36 في المائة من الدول الغنية مقابل 9،3 في الدول المتخلفة تشير الإحصائيات العامة التي تصدرها منظمة الصحة العالمية أن من بين 108مليون متبرع بالدم في العالم نصفهم من الدول ذات الدخل المرتفع حيث يعيش حوالي 18 في المائة من سكان العالم. وهذا يمثل حسب المنظمة ارتفاعا قدر بحوالي 25 في المائة مقارنة مع 80 مليون متبرع المسجلين سنة 2OO4. أما بالنسبة للدول ذات الدخل الضعيف فإن 65 في المائة من عمليات تحاقن الدم يستفيد منها الأطفال أقل من خمس سنوات، بينما في الدول ذات الدخل المرتفع فإن شريحة المستفيدين هي تلك التي يتجاوز عمرها 65 سنة والتي تمثل 76 في المائة. وتسجل منظمة الصحة العالمية نسبة 8،36 في المائة من المتبرعين بالنسبة لكل ألف مواطن في الدول ذات الدخل المرتفع و 2،11 في الدول ذات الدخل المتوسط و 9،3 فقط في الدول ذات الدخل الضعيف. وسجلت منظمة الصحة العالمية سنة 2012 انه في 70 دولة في العالم يأتي 9O في المائة من الدم المحصل عليه من المتبرعين المتطوعين وفي 72 دولة أخرى تجمع الدم نسبة 5O في المائة من عائلات المرضى المحتاجين للدم. وأضافت المنظمة أن هناك 43 دولة من بين 156 تنتج عددا من الأدوية من البلازما المتحصلة من بلدانها، بينما هناك 113 دولة تستورد هذه الأدوية . وتلح منظمة الصحة العالمية على أن تجري عمليات التبرع بالدم في الدول عن طريق مؤسسات حكومية معترف بها. وسجلت المنظمة في هذا الإطار أن 70 دولة في العالم تتوفر على سياسة وطنية لتحاقن الدم مقابل 6O سنة 2OO4. وتشير منظمة الصحة العالمية أن عملية تحاقن الدم تساعد على إنقاذ حياة عدد من المرضى والمصابين، وقالت في هذا الخصوص إن حالات النزيف الحاد خلال مراحل الحمل والولادة تعتبر من بين الأسباب الكبرى لوفيات الأمهات حيث سجلت المنظمة 289 ألف حالة وفاة بسبب مضاعفات الحمل والولادة كانت 27 في المائة منها بسبب النزيف الحاد. وأشارت المنظمة إلى أن الحاجة إلى الدم تزداد سنة بعد أخرى خاصة في الدول ذات الدخل الضعيف. وتطالب منظمة الصحة العالمية بضرورة توفير إمكانية الاستفادة من الدم لكل المرضى والمحتاجين إليه بغض النظر عن انتمائهم الاجتماعي. وتقوم المنظمة في هذا الإطار بتقديم الدعم التقني والفني للبلدان الأعضاء بهدف تأمين عملية نزيهة للتبرع بالدم والحصول عليه. المطلوب إرجاع ثقة المواطن في المؤسسات الصحية دق المركز الوطني لتحاقن الدم ناقوس الخطر حول الخصاص الكبير الذي يعاني منه المغرب في احتياطي الدم ووجه المركز نداء عاجلا للمواطنين من أجل التبرع بالدم لانقاذ حياة المرضى. وأشار المركز إلى أن مخزون المركز الوطني لتحاقن الدم المتوفر لحد الآن لا يكفي سوى لأربعة أو خمسة أيام فقط، وهو ما يستدعي تظافر الجهود لتفادي هذا الخصاص الحاد الذي يضع حياة المرضى والمصابين المحتاجين للدم في حالة خطر إذا لم يتمكن المركز من خلال حملته الأخيرة هذه من جمع ما يكفي من كميات الدم المتبرع بها من طرف المواطنين. وسبق للمركز الجهوي للرباط أن نبه أنه لم يتجاوز 100 متبرع في الوقت الذي يتطلب فيه الأمر من 280 و 300 كيس دم يوميا. ودعا المركز إلى ضرورة انتظام التبرع بالدم. وإذا كان المركز قد أرجع انخفاض عدد المتبرعين بالدم إلى عوامل تتعلق بانشغال الناس بالعطلة والانتخابات والدخول المدرسي، فإن هناك عوامل أخرى حاسمة لا تشجع المواطنين على التبرع بالدم، ومنها على الخصوص سوء المعاملة التي يتلقاها المواطنون في المؤسسات الصحية العمومية والخاصة، وانعدام الثقة من المواطنين في هذه المؤسسات، وكذا العاملين فيها من مستخدمي وأطر وأطباء مما يستدعي معه تحسين صورة هذه المؤسسات وهذه الأطر في نظر المواطنين بشكل عملي وملموس لتشجيع المواطنين على كل أنواع التبرع ومنها التبرع بالدم والتبرع بالأعضاء البشرية، ويرجع فقدان الثقة أيضا إلى الشائعات التي ليست كلها خالية من الصحة حول تلاعب بعض الجهات بأعضاء المرضى واحتمالات سرقتها، مما يجعل المواطن يفقد الثقة بالمؤسسات الصحية وأيضا بالعاملين فيها وتعليمات التبرع. ويبقى على الدولة تحسين الخدمات والاستقبال في المؤسسات الصحية العمومية، وأيضا تشديد الرقابة على المؤسسات الصحية الخاصة من أجل خضوعها للقانون، لأن الكثير منها لا يهمها إلا الربح على حساب جيوب وصحة المواطنين.