الإستجواب الذي أجراه الصحافي المصري الأصل البريطاني الجنسية أحمد منصور في برنامجه «بلا حدود» على قناة الجزيرة القطرية مع الأسير العقيد الطيار علي عبود طرح إشكاليات أخلاقية كثيرة ترتبط بالعمل الصحافي، وترهن مصداقية أي أداء صحافي. العقيد الطيار علي عبود هو في وضع أسر واعتقال و لن يصدق أحد أنه وافق على الإستجواب بمحض إرادته حتى و إن تفوه بهذه الموافقة فإن وضع الأسر يفرغ هذا التفوه من محتواه، إنه فاقد السيطرة على كل قراراته و بالتالي و كما هو الشأن بالنسبة لجميع مظاهر و تجليات الوضع تحت الإكراه فإن الشخص لا يمكن أن يكون مستقلا في قراراته. المثير، هو أن أحمد منصور تجرد من صفته المهنية الصرفة و تحول من خلال طبيعة الأسئلة التي كان يمطر بها ضيف برنامجه الأسير إلى محقق عسكري يشتغل لفائدة جبهة النصرة، و واضح أن جبهة النصرة لقنت الأسير علي عبود ما يجب أن يقوله بالضبط للجواب على التحقيق الأمني لأحمد منصور، فعوض سؤال الضيف الأسير عن طبيعة النزاع في سوريا الجريحة والجهات الأجنبية التي تغذي هذه الحرب المدنسة و مواقف الأطراف والبرامج السياسية البديلة وغيرها كثير راح أحمد منصور يسأل عن طبيعة البراميل التي يقصف بها النظام السوري المدنيين ومن هي الجهة التي تعطي الأوامر و من أين تقلع الطائرات الحربية وعن الصراع بين العلويين والسنيين و غير ذلك من الأسئلة التي حررت في غرف العمليات الحربية لجبهة النصرة وفي الغرف السياسية في الدوحة، وبالتالي يكون أحمد منصور سخر العمل الصحافي البريء في عمليات سياسية وعسكرية خبيثة. ماذا مثلا لو كانت السلطات المصرية بعثت أحد صحافييها الطيعين لاستجواب أحمد منصور أثناء إعتقاله في ألمانيا ويقبل الإستجواب تحت ضغط السلطات الأمنية الألمانية؟ أحمد منصور الذي تكبد مخاطر التنقل إلى موقع يخضع لسيطرة جهة غير نظامية بما يكتنف ذلك من مخاطر فإنما كان يخدم أجندة سياسية صرفة و قبل أن يكون مجرد آلية في هذه الخدمة و قبل إذلال شخص يوجد رهن الأسر وقبل تعذيب عائلة شخص فاقد لحريته وهي تتابعه يقول ما لا يؤمن به في برنامج أحمد منصور. بعد كل هذا ألا يستحق أحمد منصور أن نخاطبه ببعض من الكلمات التي خاطب بها الصحافيين المغاربة قبل أيام ؟