* تقف الدولة الدنماركية مكتوفة الأيدي، بكماء، صماء، إزاء ما يقترفه المعتدون من جرائم ضد المرأة المسلمة في المجتمع الدنماركي، حيث تعرّضت نساء محجّبات إلى نزع حجابهنّ بالعُنف، دون أدنى تدخل من الشرطة، بل بمباركة صامتة من السلطات التي لم تستجب لنداءات الإستغاثة من المسلمين الذين يتعرّضون للاضطهاد. لقد بلغ من حدّة هذه الإعتداءات وخطورتها أن الرّجل المسلم أصبح يثني زوجته عن الخروج لوحدها في بعض المناطق التي تكاثرت فيها أعمال العنف ضد السيّدات المحجّبات أو الرجال الملتحين، وبلغ من خطورة هذه الإعتداءات، والصمت الرسمي المتعمّد إزاءها أن أنشأ مسلمو الدنمارك لجان الدفاع الذاتي لاستقبال مكالمات الإستغاثة والتي اختار فرعها في كوبنهاغن تسميتها »دافع عن أختك«. وتضم هذه اللجان شبانا مسلمين متطوّعين، عددهم 1545 شابا، يستقبلون نداءات الإستغاثة، ويقومون حسب قربهم من الأحداث بالتدخل للردّ على المعتدين بالمثل. تقول عوا العمري، وهي دنماركية من أصل عراقي، إنها استفادت من حماية لجان الدفاع الذّاتي »دافع عن أختك«، وتضيف »لم أتوقّع يوم الثلاثاء الماضي حين وجودي بمحطة فلينتهولم للقطار، أن يتم الإعتداء علي بطريقة وحشية، إذ سحبني أحد الدانماركيين من معطفي فسقطت من أعلى الدرج، تألمتُ كثيراً ولم أتوقّف عن البكاء«. ليس الاضطهاد الذي تتعرّض له المسلمات المحجّبات في البلدان الغربية، إلا ردّاً عنيفا وحشيا غير حضاري على تمسكهن بحق من حقوقهن المشروعة. وإنّ هذه الممارسات التي اجترحها ويجترحها هؤلاء المعتدون تكذّب مايزعمه الغربيون من احترام لحقوق المرأة، وإنصاف لها وتقدير وتكريم لشخصيتها وكينونتها. وإذا كان يوم 8 مارس هو اليوم العالمي الذي اعتُمد يوما للاحتفال بالمرأة، فإنه سيظل وصمة عار في جبين الغربيين الذين يحتفلون، في الحقيقة، بتعنيف المرأة لا بحقوقها. لقد تجاوزت هذه الاعتداءات مفهوم العنصرية، إذ يتبين عند التحليل والتمحيص أنّها مرآة تعكس النظرة الدونية التي ينظر بها الرّجل الغربي إلى المرأة. وحتى المرأة الغربية التي يرفع الغربُ شعارات الدفاع عن حقوقها فإن ّ الغربيين يضطهدونها بمختلف أشكال الاضطهاد بدءاً من الاستغلال الجنسي والتشييء والتّسليع والنّخاسة إلى التّعنيف والتعذيب والإذاية البدنية والنّفسية وتمزيق الأسرة وفصم الروابط العائلية والإجهاض وانفصال الأطفال عن آبائهم وأمهاتهم... والغرب الذي يتفنن في تقديم الوصفات العلاجية للمجتمعات المستضعفة وفرض الاتفاقيات الدولية والتوصيات وممارسة المراقبة والمعاقبة على هذه المجتمعات، يعكس تعامُلُه مع المرأة عموماً ومع المرأة المسلمة خصُوصاً نفاقَهُ ومفارقاته غير المتناهية، ويترجم ما في قرارة النفسية والعقلية الغربيتين من نظرة احتقار وتشييء وامتهان للمرأة، وهي نظرة تضرب بجذورها بعيداً في الثقافة والتاريخ الغربيين، منذ كان المجتمع الأوربي لا يعترف للمرأة بإنسانيتها بل يراها أدون من الحيوان. فهذه النظرة الدّونية التحقيرية المريضة لم تفارق العقل الغربي والنفسية الغربية.