يعرض حاليا ببلادنا فيلم أمريكي يحمل عنوان " A MOST VIOLENT YEAR" (السنة الأكثر عنف) من كتابة و إخراج السيناريست جيفري ماك دونالد شاندور و بطولة الممثل أوسكار إسحاق في دور "أبيل" و الممثلو جيسيكا شتستاين في دور زوجته "آنا". يعود هذا الفيلم بالمشاهد إلى أجواء سنة 1981 بنيويورك، ليحكي له خلال 125 دقيقة قصة المها جر "آبيل" الذي استثمر أمواله في شركة للمحروقات، و استطاع بجديته و مساعدة زوجته أن يفرض نفسه كفاعل تجاري قوي في هذا الميدان بالرغم من شراسة منافسيه الأقوياء، و أصبحت طموحاته كبيرة و عزمته قوية في المزيد من تطوير شركته أكثر و أكثر، فقرر صحبة زوجته شراء إحدى المحطات القديمة لتخزين البترول، ودفع لأصحابها مبلغا ماليا كتسبيق، و فرضوا عليه ، وفق عقدة صارمة، أن يؤدي الباقي خلال 30 يوم ، و في حالة عدم تمكنه من الوفاء بعهده فإن التسبيق المالي الذي دفعه سيضيع منه بأكمله. سينطلق "آبيل" طيلة مدة الفيلم في سباق ضد الساعة كي يجمع هذا المبلغ الذي مازال بذمته قبل فوات الأوان، و لكن البعض من منافسيه سخروا مجرمين يقومان بين الحين و الآخر بسرقة شاحناته المملوءة بالوقود الأمر الذي أصبح يؤثر سلبا على المداخيل المالية و على معنوية سائقي هذه الشاحنات الذين أصبحوا خائفين من التعرض إلى التعنيف و التهديد و السرقة. سيحتار "آبيل" في أمر هذه السرقات و في هوية منفذيها، بل إن علاقته مع زوجته ستصبح هي أيضا مضطربة و متوترة أحيانا، مما دفع به إلى اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالحماية و البحث في هذه القضية ، و لكن الوكيل العام سيخبره بأن القضاء سيتابعه بعدة تهم من بينها الغش و التملص من الضرائب و الأمر الذي استغرب له و نفاه بكيفية قوية محاولا إقناع الوكيل العام بأنه شخص مستقيم و نزيه و بريء من كل تلك التهم. ستزداد وضعية "آبيل" تأزما بعدما تم اتهام أحد سائقيه بالتواطؤ في عمليات سرقة شاحناته و إطلاق النار على رجال الشرطة، و أصبحت القضية معقدة، و سمعته مشوهة، مما دفع بالبنك التي كان يتعامل معها إلى التخلي عنه نهائيا ليجد نفسه في وضعية مالية خطيرة و على وشك الإفلاس و هو على بعد يوم واحد فقط من مهلة الثلاثين يوم الممنوحة له لأداء ما بذمته من مال لفائدة أصحاب المحطة القديمة التي يريد شراءها. لم ينهار و لم يستسلم لكل هذا، بل واصل الصمود إلى أن تمكن بصعوبة من الكشف عن كل الخيوط الخفية المحركة لكل ما تعرض له من ضربات و من محاولات للقضاء عليه، ليوصل هذا الفيلم إلى نهاية سعيدة تعيد له كل ما ضاع منه و يتحقق له فيها ما كان يطمح إليه. موضوع هذا الفيلم يجمع بين ما هو اجتماعي و اقتصادي ، بين الجريمة و النظام الرأسمالي و بين المال و الأعمال ، و هو معالج في كتابته و إخراجه بطريقة لا تخلو من إثارة و تشويق من بدايته إلى نهايته كأنها قصة واقعية فعلا، هو فيلم مثير بالرغم من كثرة الكلام و قلة الأحداث ، و بالرغم من إيقاعه البطيء نسبيا. تتوالى تطوراته و تتعقد تدريجا في تصاعد ملموس على مستوى الأحداث و الشخصيات أيضا ، و لكنها تفقد جزءا من مصداقيتها مع الاقتراب من النهاية من خلال التساهل الملموس في كيفية حل كل الأزمات التي تم خلقها في هذه القصة. الفيلم يبدو هادئا بشكله، ولكنه متوتر وعنيف بمضمونه (يشبه بعض الشيء أفلام المافيا)، و هو الفيلم السينمائي الطويل الثالث للمخرج جيفري ماك دونالد شاندور الذي اختار له مجموعة من الممثلين الجيدين رغم كونهم غير مشهورين، و على رأسهم الممثل أوسكار إسحاق الذي شخص دوره بكيفية متميزة و تعامل مع التطورات و المشاكل القاهرة بحكمة و رزانة و أناقة دون أن يقهر.