قال الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس إن السياسة الخارجية الأمريكية مُنيت بأكبر حالة فشل واضحة المعالم في سوريا. وأعاد مكمانموس في مقال نشرته صحيفة لوس انجلوس تايمزاليوم إلى الأذهان تصريح السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد إبان استقالته من منصبه عام 2014 ، بأنه "لم يعد في مقدوره الدفاع عن تردد إدارة أوباما في دعم المعارضة السورية على النحو الكافي" ، وتحذيره من أن المزيد من التردد من شأنه التعجيل بيوم تجد القوات الأمريكية نفسها مضطرة للتدخل لمواجهة تنظيم القاعدة في سوريا. ورأى مكمانوس أن تحذير فورد قد تحقق اليوم على الأرض ؛ فها هي الطائرات الحربية الأمريكية تقصف الجهاديين في سوريا أسبوعا بعد آخر ، وها هو الشمال السوري قد بات بمثابة قاعدة لتنظيمي "داعش" والقاعدة. وأضاف مكمانوس على لسان السفير السابق فورد "إن السياسة الأمريكية شهدت تحركا للخلف لا للأمام؛ ها نحن نشهد سوريا وقد تمزقت إلى أربع دويلات ، ومن يدري إذا كان بالإمكان أن تتوحد مرة أخرى". ولفت إلى أن نظام بشار الأسد الذي كان الرئيس أوباما أعلن موته ، لا يزال في السلطة ، ونصف الأرض التي يحكمها بات تحت سيطرة الجهاديين، أما المعتدلون الذين قالت واشنطن إنها ستدعمهم فقد تبدد شمل معظمهم وانهزموا. وتابع مكمانوس "لكن لا صدى لما سبق في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه أوباما الأسبوع الماضي؛ لقد تحدث الرئيس عن سوريا باعتبارها جزءا من قصة نجاح". وأورد عن أوباما قوله "في العراقوسوريا، هاهي القيادة الأمريكية، بما في ذلك قوتنا العسكرية، بصدد إيقاف زحف الدواعش .. وبدلا من الانجرار لحرب برية أخرى في الشرق الأوسط، ها نحن نقود ائتلافا موسعا .. وندعم معارضة معتدلة في سوريا بما يمكن أن يقدم لنا العون في هذا الصدد.. إنه نوع أذكى من القيادة الأمريكية". ورأى صاحب المقال أن الأزمة السورية شهدت توجهين أمريكيين: التوجه الأول كان الرغبة في الإطاحة بنظام أقام سلطته على القتل والخطف والتعذيب والاغتصاب واستهداف المدنيين واستهداف المعارضين .. التوجه الآخر، وهو أقوى من الأول، كان تفادي التورط في حرب أخرى، وأن التحرك ببطء أكثر أمانا من المخاطرة .. وهو رأي أوباما ومستشاريه المقربين. في غضون ذلك ، يقول مكمانوس على لسان فورد : لم ينتظر الجهاديون في المقابل ؛ لقد جمعوا المساعدات والتبرعات من دول الخليج واشتروا أسلحة ودربوا متمردين وهاجموا قواعد مسلحة كانت تدعمها أمريكا واستولوا على صواريخ أمريكية مضادة للدبابات. ورأى الكاتب أن الهدف الذي وعد به أوباما تدمير تنظيم داعش،إذا كان صادقا ، فإنه يتطلب لتنفيذه وجود قوات برية .. وأشار مكمانوس إلى أن مسؤولين أمريكيين رأوا أن تتألف تلك القوات من عناصر تركية وعربية صديقة جنبا إلى جنب مع قوات المعارضة السورية المستقبلية التي ستتلقى تدريبا أمريكيا .. لكن الإشكالية هنا بحسب مكمانوس تتمثل في غياب الاسترايتجية الأمريكية في هذا الصدد . ونوه صاحب المقال إلى أن الأمر الوحيد الذي لا يزال المسؤولون الأمريكيون يُصّرون عليه هو أنهم لن يقيموا تحالفا مع نظام الأسد ، غير أنهم لم يعودوا مُصرين على ضرورة تنحي بشار عن السلطة فورا,فضلا عن ذلك اقترح هؤلاء المسؤولون الأمريكيون إمكانية أن تُظهر واشنطن مرونة حال دخول نظام الأسد في مفاوضات تسوية جادة مع المعارضة المعتدلة. وأورد مكمانوس في هذا السياق قول وزير الخارجية جون كيري في 14 يناير الجاري "لقد حان الوقت لكي يُقدّم الأسد ونظامه مصلحة الشعب وأن يفكروا في تبعات أفعالهم التي تجذب المزيد والمزيد من الإرهابيين إلى سوريا". ورأى الكاتب أن الإدارة الأمريكية إذا كانت تعتمد استراتيجية فإن هذه تتمركز حول تملق الدول ذات النفوذ في سوريا "روسيا وإيران والسعودية وتركيا" للانضمام لجهد مشترك بهدف إنهاء الصراع وفي غضون ذلك تواصل أمريكا القصف من الجو ، على أمل أن أن تُضعف حرب الاستنزاف الدائرة على الأرض جبهة الأسد وترخي قبضته على السلطة. وقال مكمانوس على لسان فورد "مشكلتنا هي أننا لا نملك نفوذا كبيرا وأن أسْهُمنا في اللعبة أقل من أسهُم روسيا وإيران فيها .. وهو ما لا يغادر مساحة كبرى للتفاؤل". واختتم الكاتب الأمريكي بالقول إن الدرس المستفاد من فشلنا في سوريا ربما يكون : "السياسة الخارجية العازفة عن المخاطرة يمكن أن تجعل شبح الحرب البرية بعيدا .. لكنها أيضا تجعل أهدافا أخرى بعيدة".