وجه خوسي ايمبرودا رئيس الحكومة المحلية لمدينة مليلية المحتلة دعوة للعاهل الإسباني فيليبي السادس لزيارة المدينة، وهي الدعوات التي اعتاد هذا الرئيس وسابقوه توجيهها لملك إسبانيا السابق، وكذا لرؤساء الحكومات الإسبانية المتعاقبة كتأكيد على تأييد الاحتلال واعتبار المدينتين المغربيتين المحتلتين على حد تعبيرهم «جزءا من التراب الإسباني». وكانت زيارات هؤلاء الرؤساء وزيارة الملك دون خوان كارلوس 2007 قد خلفت أزمة سياسية خانقة بين الرباط ومدريد أدت إلى تدهور العلاقات بينهما، ولم يتمكن البلدان من تجاوزها إلا بعد مخاض عسير ارتأت الدبلوماسية الإسبانية المغربية إلى ضرورة الأخذ بما يجمع البلدين وتجنيب ما يفرقهما. وما يفرقهما بتسمية الأسماء بمسمياتها هي سبتة ومليلية وما يجمعها هي العلاقات الاقتصادية والجوار الجغرافي والبعد التاريخي للمنطقة. وكانت الأحزاب المتوالية على الحكم في إسبانيا قد جعلت من مواضيع هذه الزيارات ورقة انتخابية، وفي بعض الأحيان ورقة استفزاز دبلوماسي ضد المغرب وبعد ذلك بدأت الطبقة السياسية الإسبانية الرئيسية وعلى الخصوص الحزبان الاشتراكي والشعبي على تجنبهما حفاظا على المصالح الاقتصادية التي تجمع البلدين خصوصا بعد الأزمة الاقتصادية التي تعرفها أوروبا والتي كانت تبعاتها ثقيلة على الاقتصاد الإسباني الذي أصبح سنة 2013 أول شريك للمغرب متقدما على شريكه التقليدي فرنسا. وإذا كانت الدبلوماسية الإسبانية قد اهتدت إلى وصفة ما يجمع والابتعاد عما يفرق فإن على الطبقة السياسية أن تتحلى بالحكمة في تدبير الأمور الخلافية بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بهذا الموضوع الحساس بالذات حيث تشير الأخبار إلى أن العاهل الإسباني حديث التتويج فيليبي السادس الذي خلف والده خوان كارلوس لم يجب بعد مرور ثلاثة أشهر من توصله برسالة امبرودا التي يدعوه فيها لزيارة مليلية المحتلة وذلك تجنبا لأي تدهور في العلاقة مع المغرب. وإذا كان من المتوقع أن يلتقي رئيس الحكومة المحلية لمليلية المحتلة بالملك الإسباني قبل نهاية هذه السنة، وهي المناسبة التي ربما سيجدد فيها امبرودا طلبه للعاهل الإسباني في إطار المشاورات مع الحكومات الجهوية المحلية، فإن كلا من سبتة ومليلية المحتلتين ليس لهما هذا الوضع باعتبار أنهما مدينتان وليستا جهتين مستقلتين وهو الوضع الذي لا يرضي حكامهما الذين يريدون الارتقاء بها إلى وضع الجهات المستقلة على غرار الأندلس وكاطلونيا وغيرها. ويبدو أن قصر الزارسيويلا (الملكية الإسبانية) منشغل الآن بمواضيع أكثر أهمية خاصة موضوع كاطالونيا والتطورات التي عرفها بعد إعلان المحكمة الدستورية الإسبانية تعليق الاستفتاء من أجل الاستقلال، وذلك على الرغم من أن رئيس الحكومة المحلية قد جدد يوم 17 من شهر شتنبر المنصرم بمناسبة ذكرى احتلال مليلية 1497 دعوته للعاهل الإسباني لزيارتها. وإذا كان العاهل الإسباني الأسبق قد زار المدينةالمحتلة فإنه لم يفعل ذلك إلا بعد مرور 31 سنة على اعتلائه العرش. وللتذكير فإن فيليبي الثاني لم يمض بعد على توليه العرش إلا بضع شهور سيكون عليه التحلي بالكثير من الحكمة في الاقتراب من موضوعات شائكة تتطلب الكثير من التريث والتأني قبل الإقدام عليها لتجنيب البلدين أزمات ظرفية تؤثر على مصالحهما.