بعد مصاريف رمضان الباهظة ومثيلتها في العطلة الصيفية، وآخرها المتطلبات المرتفعة للدخول المدرسي، هاهي إنفاقات أخرى تحل بعباد الله المغاربة لتغطية حاجيات عيد الأضحى، والمتمثلة في شراء الكبش ولوازمه، وهو ما يعني صرف مبلغ مالي منتفخ الأرقام، مما يفرض على الكثير من الطبقة المتوسطة والفقيرة، اللجوء للمخرج الوحيد، للتغلب على الظرف، هو الإقتراض من الأبناك ومؤسسات دور السلف التي اجتهدت مؤخراً في الإعلان عن استعدادها لجلب المقترضين، للحصول على المبلغ الكفيل بتغطية متطلبات من «حولي» وتوابعه للاستمتاع بفرحة أيام معدودة من العيد، وبعدها ينصب التفكير على نهج سياسة التقشف لرد الأقساط الشهرية لكمبيالات القرض، والتي تمتد حتى مطلع عيد الأضحى للسنة المقبلة. وإذا كان القرض يعتبر مخرجا لمن يمتلك الوثائق التي تخوله الحصول عليه، فهناك فئات عريضة من غير المؤهلة للحصول على القروض، وأخصُّ منها بالذكر، الطبقات الفقيرة التي مازالت تلجأ إلى بيع أثاثها النزلي المختلف، سعيا وراء توفير مبلغ شراء الكبش لحفظ ماء وجهها بالحي وأمام الجيران، وتلبية لرغبة صغارها من الأبناء. أما فئات الميسورين فأمر العيد محسوم بالنسبة إليها، في غياب الإحساس بالضائقة المالية «من جهة» وفي ترك طقوس العيد بكبشه ولوازمه و«صداع رأسه» بالسفر خارج البلاد أو قضاء أيامه بإحدى المدن السياحية عندنا، التي اجتهدت الفنادق بها كما علمنا في توفير كافة طقوس العيد من ذبح للأكباش وأكل مختلف الأطباق الشهية المعتاد إعدادها في أيامه داخل البيوت المغربي. وكم هي الأسر التي اختارت هذا المنحى الذي فيه سياحة واحتفال وراحة كلية «للمدامات» اللواتي يتفرغن لأناقتهن ومساحيق التجميل وممارسة حصص الرياضة عوض الخوض في الذبح والسلخ والشي أما المجمر. ومهما قيل ويقال، فإن هلوسة الكبش مخيمة هذه الأيام على سائر أوساطنا، والكل يخطط ويدبر للتغلب عليها وفق الطريقة التي يراها مناسبة له. ويبدو من خلال ملامستنا لأثمان الأكباش، ونحن على بعد أيام قليلة من حلول يوم العيد، أن الأثمان حارقة ومبهرة وفق ما يطلبه باعتها بذريعة ضعف السنة الفلاحية وغلاء العلف. كما يجب ألا بترك المشتري فريسة بين أيادي الوسطاء والشناقة وما أكثرهم، دون أن تتخذ الحكومة أية مبادرة لضبط السوق، الذي لاوجود لمن يتحكم في أثمانه بالمراقبة السلطوية، على الأقل رحمة بالمواطنين والفئات الفقيرة.