نظم أول مؤتمر عالمي عن علم الأرصاد الجوية، الخميس الماضي، بمبادرة من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، ودارت نقاشات المؤتمر حول موضوع "أي مستقبل للأرصاد الجوية؟"، ويأتي هذا المؤتمر بعد 10 سنوات تقريبا من دخول بروتوكول كيوتو حيز التنفيذ، بهدف الحد من انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، وشارك فيه نحو ألف عالم، حسب صحيفة "لوفيغارو". خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ارتفعت حرارة سطح الأرض بمعدل 0,47 درجة مئوية، ومعروف أن ارتفاعا بمعدل درجة مئوية واحدة يزيد بخار الماء في الغلاف الجوي بنسبة 7%، مع العلم أن تبخر المياه يشكل محرك لتدفق الرياح في الغلاف الجوي، لذا يتوقع أن تتسارع وتيرة الظواهر المناخية، وترجح الفرضيات المعتمدة في أوساط العلماء، إلى ارتفاع معدل الحرارة على سطح الأرض إلى درجتين مئويتين بحلول العام 2050. وصرحت جينيفر فانوس من جامعة تكساس للتكنولوجيا أن "عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، عدد سكان العالم يتزايد وينبغي لنا التكيف مع الوضع"، ولخص الباحث سايمن وانغ من جامعة يوتاه ستايت الوضع قائلا: "إن ارتفاع الحرارة سيؤدي عموما إلى تضخيم الظواهر المناخية السائدة حاليا"، وأضاف أن موجات الصقيع من قبيل الدوامة القطبية التي اجتاحت هذا الشتاء جزءا كبيرا من أميركا الشمالية، ستكون أكثر شدة وانتظاما، شأنها في ذلك شأن موجات الحر والجفاف، ويكمن التحدي بالنسبة إلى علماء الأرصاد الجوية في إدماج "القوة الإضافية" للاحتباس الحراري المناخي في نماذج التوقعات المناخية التي تزداد تعقيدا، ولهذه الغاية، يحتاج العلماء خلال العقود المقبلة إلى حواسيب خارقة لا تزال أعدادها قليلة جدا، فقد قام عالم الأرصاد الجوية بول وليامز من جامعة ردينغ البريطانية بالاستعانة بحاسوب خارق من جامعة برينستون الأميركية هو من الأقوى في العالم لدراسة تأثير الاحتباس الحراري المناخي على تيارات الهواء السريعة على علو عشرات الكيلومترات التي تؤثر على الملاحة الجوية، وبعد أسابيع من التحليلات، أتت النتائج قاطعة مفادها أن "الاحتباس الحراري المناخي يزيد من قوة هذه التيارات أي أن معدل الرحلات التي تواجه اضطرابات جوية سيتضاعف بحلول العام 2050"، وشرح العالم أن 1 % من الرحلات التجارية يواجه حاليا مثل هذه الاضطرابات الجوية، غير أنه من المتوقع أن تزداد نسبة ثاني أكسيد الكربون ازديادا شديدا خلال السنوات المقبلة، و"نحن لا نعلم بعد كيف ستتفاعل الطائرات مع هذه الكتل الهوائية" مضيفا ذات الباحث. ولا يمكن كذلك الاعتماد على النقل البحري للسفر بهدوء، إذ أنه من المتوقع أن تتفاقم ظاهرة الأمواج العملاقة في المحيطات، وذكر سايمن وانغ بأن "شركات النقل البحري باتت تواجه المزيد من الأمواج العملاقة"، التي يبلغ ارتفاعها 40 مترا، في حين كانت الأمواج التي يصل ارتفاعها إلى 20 مترا تعد عملاقة في السابق، وحذر العالم من أن هذا كله "ليس سوى بداية التغير المناخي"، يضاف إلى ذلك أن الغطاء الجليدي في غرينلاند، بدأ بالذوبان وسيستمر على المدى الطويل لكن "ليس قبل القرن المقبل" ما سيؤذي إلى ارتفاع مستوى المحيطات بستة أمتار على ما يقول إريك بران الباحث في هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية وصاحب دراسة أخيرة حول الموضوع، وفي وجه هذه التغيرات جميعها، اعتبرت جينيفر فانوس من جامعة تكساس أنه بات من الملح تعديل مناهج التنمية الحضرية في المدن وأساليب العيش بحسب هذا الواقع الجديد لحماية سكان العالم.