يخلد الشعب المغربي وفي طليعته أسرة المقاومة وجيش التحرير اليوم الذكرى 36 لاسترجاع وادي الذهب، الذي يعتبر محطة مضيئة في مسيرة استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة، بدءا باسترجاع طرفاية سنة 1958، وسيدي إيفني سنة 1969، ثم الساقية الحمراء سنة 1975. وذلك في أجواء من الحماس الوطني والتعبئة الشاملة صيانة لوحدة الأمة المغربية. وتشكل هذه الذكرى مناسبة لاستحضار وتأكيد الإجماع على التعبئة المستمرة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله٬ في سبيل صيانة الوحدة الترابية للمملكة٬ وتثبيتا للمكاسب الوطنية ومواصلة لأوراش البناء والنماء المفتوحة عبر التراب الوطني، وعلى امتداد الأقاليم الجنوبية التي تشهد تطورا نوعيا في سياق التنمية الشاملة والمستدامة. ففي مثل هذا اليوم من سنة 1979، توافد على عاصمة المملكة ممثلو وعلماء وأعيان وشيوخ سائر القبائل الصحرواية، لتجديد البيعة لجلالة الملك المغفور له الحسن الثاني، معلنين من خلال إلقائهم لنص البيعة الخالدة ارتباطهم الوثيق والتحامهم الدائم بوطنهم المغرب وبوحدته الترابية من طنجة إلى الكويرة، ومحبطين بذلك مخططات ومناورات الخصوم. وشكل هذا اللقاء الذي أكد على الروابط الراسخة بين قائد البلاد وجانب من رعيته لحظة تاريخية كبرى، من خلال إلقاء جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني رحمه الله خطابا جاء فيه "إننا منكم اليوم قد تلقينا البيعة وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة، من اليوم بيعتنا في عنقكم. ومن اليوم من واجبنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما الى إسعادكم. فمرحبا بكم يا أبنائي في حضيرة وطنكم. وإننا نشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر...". كما قام المغفور له الحسن الثاني عقب هذا اللقاء كإشارة رمزية من جلالته، بتوزيع بعض الأسلحة على وفود القبائل، مما زاد من قيمة هذا اللقاء باستمرار الكفاح من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للوطن. وتمثل هذه الذكرى التي تخلد في 14 غشت من كل سنة، مناسبة للوقوف على أوراش البناء والنماء التي حظي بها اقليم وادي الذهب، الذي انخرط طوال 35 سنة في مسيرة النماء والتنمية فتم الارتقاء به وإدماجه في المجهود الوطني للتنمية الشاملة ،وشارك سكانه في الانتخابات والاستشارات التي شهدها الوطن مؤكدة أن مغربية الاقليم لا رجعة فيها. ومنذ استرجاعه عرف إقليم وادي الذهب مسيرة تنموية، حيث يتذكر أبناؤه بعد أزيد من 3 عقود، التحولات السوسيو اقتصادية والمشاريع التنموية الكبرى التي شملت قطاعات الطرق والتعليم والصحة والصيد البحري والماء والكهرباء وقطاع الخدمات. وذلك وفق مقاربة ارتكزت على تدعيم البنيات والتجهيزات الأساسية وتنمية الأنشطة المنتجة، وكذا تحسين ظروف عيش السكان ليصبح اليوم وجهة سياحية واستثمارية. وقد واصل صاحب الجلالة الملك محمد السادس حمل مشعل الدفاع عن وحدة التراب الوطني موليا عنايته القصوى للأقاليم المسترجعة ورعايته الشاملة لأبنائها، تعزيزا لهذا الارتباط وللتعبئة الوطنية في مواجهة كل مؤامرات خصوم الوحدة الترابية، مجسدا حكمة المغرب وتبصره وإرادته في صيانة حقوقه الراسخة من خلال اقتراح مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية كحل للنزاع المفتعل والتي لقيت دعما دوليا واسعا. وأكد جلالته ذلك في أكثر من مناسبة آخرها خطاب 30 يوليوز 2014 الذي ألقاه بمناسبة عيد العرش المجيد جاء فيه " نحرص على مواصلة انخراط كل القوى الحية للبلاد، في الدفاع عن المصالح العليا للوطن وفي مقدمتها الوحدة الترابية، التي تظل أسبقية الأسبقيات فقضية الصحراء كما سبق أن أكدت أكثر من مرة، هي قضية كل المغاربة وأمانة في أعناقنا جميعا. وفي هذا الإطار، نجدد الدعوة لمواصلة اليقظة والتعبئة الجماعية، واتخاذ المبادرات اللازمة لاستباق مناورات الخصوم، فلا مجال للانتظار أو التواكل ولردود الفعل. كما نؤكد التزامنا بمبادرتنا بتخويل أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا، وهي المبادرة التي أكد مجلس الأمن مرة أخرى في قراره الأخيرجديتها ومصداقيتها. غير أننا لن نرهن مستقبل المنطقة، بل سنواصل أوراش التنمية والتحديث بها، وخاصة من خلال المضي قدما في تفعيل النموذج التنموي لأقاليمنا الجنوبية، بما يقوم عليه من مقاربة تشاركية وحكامة جيدة، ومن برامج متكاملة ومتعددة الأبعاد، كفيلة بتحقيق التنمية المندمجة". لقد شكل مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية في إطار السيادة المغربية وإعادة تفعيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية وتبني الجهوية أهم المبادرات التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس من أجل الطي النهائي لملف الصحراء المغربية. وهذا ما يثبت العزم والإصرار المتواصلين على تثبيت المكتسبات الوطنية ومواجهة كل التحديات حفاظا على الوحدة والسيادة الترابية.