لم نجد بدا من العودة لموضوع الأمن, بعد ان عاد ليصبح اول هاجس يقض مضجع المواطنين. فبعد ان بدأت الآمال تعود الى الناس عندما صدرت التعليمات لمواجهة موجة الأجرام والقضاء على ظاهرة التشرميل وتجفيف منابع صناعة الأسلحة البيضاء وتتبع مصادرها ، عادت الأمور بقوة بعد أسابيع معدودة من قيام السلطات الأمنية بحملات كانت في مجملها موفقة ، لكن الأمر الخطير هو التطور الذي حصل خلال هذا الصيف بعد ان ظهرت في الساحة الأسلحة النارية ، والأخطر من ذلك ان عناصر الشرطة اعتقلت ضمن بعض العصابات الإجرامية أشخاصا من ضمن الذين استفادوا من العفو الملكي بمناسبة عيد الفطر الأخير . حيث أعيدوا بعد ساعات من إطلاق سراحهم الى قواعدهم ، بعد ان عاثوا فسادا وبطرق عشوائية باعتراضهم المارة وتهديدهم بالسيوف والخناجر . ففي سلا اعترض اخوان شقيقان أحدهما استفاد من العفو الملكي فتاة بقصد أختطافها واغتصابها. الا انه وأمام استنكار بعض المواطنين لم يتردد في استعمال سلاحه الأبيض ليتسبب في نحر شاب لم يكن ذنبه سوى تواجده في عين المكان ، وفي الدارالبيضاء وفي اخر يوم من رمضان فوجئ ركاب حافلة قادمة من شاطئ عين الذئاب بعصابة إجرامية استوقفت الحافلة وهددت ركابها بالقتل الى ان تمكنوا من الحصول على غنائمهم وغادروها ليندسوا وسط زحمة المارة . وفي ا شتوكة ايت باها أوقفت الشرطة عصابة إجرامية مدججة بالسيوف نشرت الرعب في المنطقة واكتشفت ان من بين أعضائها عناصر استفادت من العفو الملكي . وفي المحمدية والقنيطرة وفاس وغيرها حدث نفس السيناريو ، حيث عصابات السرقة والمخدرات بكل أنواعها والاختطاف كل ذلك في واضحة النهار, الشيء الذي أدخل الرعب في نفوس الكبار والصغار. ثم هل هناك أفظع من أن يكتشف رجال الشرطة في الدارالبيضاء سيارة أجرة صغيرة ليست مسجلة في لوائح سيارات الأجرة بل هي سيارة مسروقة من خريبكة يسوقها لص ،و تصوروا معي ماذا يمكن أن يقع بسيارة أجرة يقودها لص بدل ان يقودها سائق يتوفر على رخصة يطلق عليها رخصة الثقة . اما الشمال فحدث ولاحرج , ذلك انه بالاضافة الى السيوف فقد لعلع الرصاص في طنجة وتطوان واستعملت بعض العصابات الإجرامية الأسلحة النارية لتصفية بعض حساباتها , مما يعرض المواطنين لأكبر درجات الخطر ، ولعل قضية بارون المخدرات نيني الذي أطلق عليه النار في الشواطئ المغربية لخير شاهد على أن المنطقة بدأت تعرف تطورا خطيرا في ميدان الأجرام . نحن لا نجادل في جهود ودينامية العناصر الأمنية , ولا نناقش تصريحات وزير الداخلية بخصوص ظاهرة الأجرام في المغرب ولانعارض الأرقام التي يدلي بها تحت قبة البرلمان ولكننا لانسعى سوى لإبراز وضع مقلق يقض المضاجع ، ويدفع الناس الى الانزواء في بيوتهم حتى اذا ما اضطروا للخروج فانهم يضعون أيديهم على قلوبهم خشية ان يتعرض احدهم لرصاصة طائشة او طعنة عشوائية تودي بحياتهم . اما الأشخاص الذين تم اعتقالهم بعد ان استفادوا من العفو الملكي فهل يمكن القول بان حالاتهم هي حالات معزولة رغم انها كثيرة، ثم من يتحمل المسؤولية في أعداد لوائح المرشحين للعفو التي يتفضل جلالة الملك بالموافقة عليها وكيف تم اختيار هؤلاء المرشحين . ونحن نرى ان وزارة الداخلية مدعوة الى مضاعفة أعداد العناصر الأمنية و سلوك حملات استباقية لوضع حد لهذا النزيف.