أنا على يقين أن رئيس الحكومة المحترم ووزيره في الحكامة الذي اشتاق المغاربة إلى خرجاته التي تعكس طبيعة شخصية الرجل، لم يستمعا إلى سيل المكالمات الهاتفية التي تلقاها الزميل رضوان الرمضاني في برنامجه على أمواج إذاعة ميد راديو بعد زوال أول أمس الأربعاء، وحتى وإن أخطأت التقدير وأسأت الظن في الرجلين، وكانا استمعا فعلا إلى هول ما أنصت إليه مآت الآلاف من المغاربة وغيرهم، فإنه لا يخامرني شك في أن الرجلين سيجدان تفسيرا آخر لسياق البرنامج، وأدعو لزميلي رضوان باللطف من هذا التفسير. الموضوع الشائك الذي عالجته تلك الحلقة من البرنامج كان يهم توزيع الدقيق المدعم في جميع ربوع البلاد، والمثير أنه لم تخل مداخلة من مداخلات المواطنين المتعددة والتي لم يتسع لها عمر البرنامج من الإشارة إلى مظاهر الفساد الحقيقية التي تحكم هذه القضية، وفي جميع انحاء البلاد وبدون أي استثناء دقيق يوزع في جنح الظلام، ويباع بأسعار خيالية، وأشخاص ميسورون يستفيدون منه خارج دائرة القانون، وكميات تهرب من منطقة إلى أخرى، ورشاوى تقدم في واضحة النهار، وتعذيب حقيقي للفقراء المعوزين المستفيدين، ولوبيات منظمة وخطيرة تتحكم في الدقيق وفي رقاب الضعفاء، وفي المقابل الحكومة تتفرج عما يحدث، ولم تتخذ أي إجراء من شأنه أن يصلح الأعطاب في هذه القضية. ومع ذلك إنها قضية فساد صغيرة جدا مقارنة مع أشكال الفساد المتغولة، وإذا كانت حكومة بنكيران فشلت في محاربة هذا الفساد الصغير، فأنى لها أن تفتح فمها للحديث عن الفساد الأكبر؟!