أفلحت قناة "الجزيرة" عند بداياتها في أن ترسخ لدى المشاهد العربي، صوتها كأول فضائية عربية استطاعت أن تنافس كبريات المحطات الفضائية الغربية، وعلى رأسها محطة "سي إن إن" الأمريكية، وأن تنقل الخبر بالصوت والصورة مباشرة من مواقع الأحداث الطارئة، وتعلن عن حضورها الحصري في مناطق صراع لم تنفذ إليها أي قناة أخرى، خاصة في "أفغانستان" و"العراق". و بعد تجربة القناة السعودية "إم بي سي" التي كانت باكورة الفضائيات العربية، أغدق أمراء "قطر" الأموال الباهضة لاستغلال ذلك الوليد الإعلامي المنبثق عن التجربة المجهضة لمحطة "بي بي سي" العربية، و تسخيره لخدمة أهداف السياسة الخارجية ل"الدوحة"، التي تأتمر بأوامر "واشنطن" و"تل أبيب". فتحول اتجاه الفضائية الجديدة بنسبة 360 درجة إلى وسيلة تلفزية تكرس للإنقسامات العربية وتعمق الخلافات بين دول المنطقة، عن طريق خط تحرير إخباري وبرامج وروبوبرتاجات مباشرة، تحمل في ظاهرها خدمة القضايا العربية، بينما هي تعمق الجراح وتسلط الأضواء على بؤر التوتر، وتغمض كاميراتها العين عن أجواء الإنفراج والتصالح. وإمعانا منها في إذلال المشاهد العربي، سرقت القناة مجانية الترويح عن النفس في متابعة المباريات الرياضية، خاصة المتعلقة منها بكرة القدم، الرياضة الشعبية الأولى في الوطن العربي . وسارعت بعد وقت قصير على انطلاقة العمل ب"الجزيرة الرياضية" في غشت 2003، إلى اقتناء حقوق البث الحصري لكبريات التظاهرات الرياضية العالمية، خاصة منها "كأس العالم" لكرة القدم، وفرضت مبالغ باهظة على الدول المعنية، حتى تتمكن من نقل تلك التظاهرات، وعمدت إلى شراء قنوات "أرت سبور" في 2009 لتشديد الخناق على المشاهد العربي، خاصة في الدول التي لا طاقة لها بتسديد تكاليف حق متابعة الأطوار الرياضية، حتى وإن تعلق الأمر بفرق تنتمي إلى البلدان المعنية بالمباريات. وأمام هذا الإستفزاز "اللارياضي" أصبحت بعض البلدان العربية تصرف النظر عن قنوات "الجزيرة" الرياضية، أو تلجأ بكل بساطة إلى نقل بعض المباريات المملوكة لحق "الجزيرة"، ضدا على قوانين البث الحصري . و هو ما حصل حين بث التلفزيون المصري والتلفزيون الجزائري مبارتي بلدهما دون انتظار الحصول على إذن مسبق من قناة "الجزيرة". و قال موقع إلكتروني جزائري أن هذا الإجراء "يضع حداً لاحتكار قناة "الجزيرة الرياضية" التى رهنت عالم كرة القدم لصالحها، وباتت تساوم وتفرض مبالغ مالية باهظة، بل أصبحت عبر حصولها على حقوق بث تصفيات كأس العالم 2014 تتحدث من "مركز قوة" وتتفاوض حسب الإرادة، وتمنح وفق "المزاج" فى بعض الحالات. وإضافة إلى تمرد القنوات العربية على "الجزيرة الرياضية"، فقد تلقت هذه الأخيرة ضربة موجعة في الآونة الأخيرة، حينما هجرتها وجوه لامعة من أشهر المعلقين الرياضيين، احتجاجا على المواقف القطرية إزاء بلدان مجلس التعاون الخليجي، خاصة بعد سحب سفراء "السعودية" و"الإمارات" و"البحرين" من "الدوحة"، ومن بين أولئك الصحفيين العرب المستقلين نذكر المعلقين الإماراتيين "فارس عوض" و"علي سعد الكعبي" فيما توقع الصحفي العُماني "خليل البلوشي" أحد العاملين بالقناة القطرية "أن تتدهور الأمور بشكل كبير لاحقا. و كتب على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي "تويتر ":"ليتها تقف عند رحيل فارس وعلي، أمور أخرى تلوح في الأفق أتمنى بأن لا تحدث، لكن المؤشرات لا تبشر بالخير". عذرا "قطر" لا نرغب بمكتب قنواتكم في بلادنا٬