بعد ترقب مشوب بالخوف قرر صندوق النقد الدولي إبقاء خط الإئتمان الذي منح للمغرب والمقدر ب 6.2 مليار دولار وذلك لإمكان اللجوء إليه لمواجهة السيولة والوقاية من تداعيات الأزمة. وكانت مؤسسة معهد «بروتون وود» هي التي سهلت على المغرب استمرار استفادته من هذا الائتمان الذي منح له في وقت سابق، لكنه أصبح مهددا بعد عدد من الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة والمتمثلة في إلغاء 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار وكذلك عدم الوفاء بالإصلاحات الموعودة خاصة فيما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد وصندوق المقاصة وسن سياسة تعتمد على الحكامة. وكانت الأزمة التي عاشتها بلادنا إثر قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة بعد أن فشلت كل المساعي لسحب حكومة بنكيران إلى المزالق التي يقود إليها التدبير الحكومي قد ساهمت في تنامي مخاوف صندوق النقد الدولي من الوضعية السياسية في البلاد. وكان صندوق النقد الدولي قد أشاد بعدد من الانجازات التي قام بها المغرب خصوصا فيما يتعلق بالتوازنات الأساسية والتقليص من النفقات الخاصة بالموازنة. كما استقبل صندوق النقد الدولي باهتمام تطبيق حكومة بنكيران للمقايسة بخصوص المواد الطاقية حيث إن دعم الدولة لهذه المواد كلف خزينتها 53.4 مليار درهم سنة 2012 و51.8 السنة التي قبلها ومن بين المؤشرات المشجعة التي اعتمدها صندوق النقد الدولي للحفاظ على خط الإئتمان لصالح المغرب هو النمو الملحوظ الذي عرفته الصادرات خصوصا في قطاعات صناعة السيارات والصناعات الالكترونية وصناعة الطيران و«الاوفشورينغ» وهي العوامل التي ساهمت في التقليص من حجم العجز في الحساب الجاري. وبموازاة مع نمو الصادرات سجل المغرب تناقصا لاستيراد المواد الغذائية حيث ساهمت هذه المعطيات في استقرار موارد البلاد. غير أن هذه التطمينات مشروطة حسب صندوق النقد الدولي بعدد من الإجراءات الاستعجالية التي لا تقبل الانتظار وأولها تسريع الإصلاحات الهيكلية. وتأتي في قائمة هذه الإصلاحات إصلاح المقاصة وصناديق التقاعد والمالية العامة، وذلك من أجل ضمان الاستقرار وتأمين التوازنات الماكرواقتصادية لضمان تنمية مستمرة. وفي هذا الصدد يتعين على الحكومة حسب صندوق النقد الدولي الحفاظ على العجز في حدود 5.5% من مجموع الناتج الداخلي الخام وهو ما يعني مراقبة صارمة للنفقات بالنسبة لباقي ميزانية السنة، كما شدد صندوق النقد الدولي على حتمية مواصلة الجهود لاحتواء والتغلب على كتلة الأجور وعلى المساعدات، وذلك من أجل ضمان التنمية الاجتماعية. وشدد صندوق النقد الدولي أيضا على ضرورة اعتماد قانون تنظيمي للميزانية من أجل ضمان ميزانية صلبة شفافة وعصرية. وطالب أيضا بمرونة العملة المغربية، وهذه الإجراءات يجب أن تدعم بسياسة ماكرواقتصادية وهيكلية ملائمة وفعالة.