تعتبر الأسر الفقيرة الفتاة الصغيرة عبئا اقتصاديا وترى أن زواجها يمثل استراتيجية ضرورية لضمان استقرار الأسرة مادية. وقد يفكرون في أن الزواج المبكر يوفر الحماية لإبنتهم من مخاطر الإعتداء الجنسي، أو أنه بصفة أعم يوفر الرعاية لها وقد ينظر إلى الزواج المبكر أيضا على أنه استراتيجية تستهدف تفادي احتمال حمل الفتيات خارج إطار الزوجية. توجهت "العلم" إلى بعض القاصرات اللواتي كن ضحية هذا الزواج المبكر، حيث روت كل واحدة منهن قصتها. الواقع يحكي بدموع أمهات.. طفولة اغتصبت بعد الزواج هذه حقيقة يحكيها الزمن بما يفعلونه بطفلات في عمر الزهر, وردة قطفت من بستان الورود إلى حقل الأشواك, من هنا تحكي "نادية" أنها قد فرض عليها الزواج في سن العاشرة,حيث جاء لخطبتها أحد أبناء الجيران,لم يسألها والديها عن رأيها في العريس,حدد موعد الزفاف و عندها أجبرت "نادية" على الزواج,تقول:" لم أكن أعلم أنه هناك شئ إسمه الدخلة إلى أن ذهبت مع عريسي إلى منزل والدته,عندها تصرف معي كما لو كنت فريسة,شعرت بالرعب و كان جسمي الصغير يرتعش خوفا من رجل يكبرني بعشرين سنة". تعرضت "نادية" للإغتصاب من قبل زوجها لسنوات حيث كان يفرض عليها القيام بممارسات جنسية تتجرد من الحياء و الحشمة,لكن نادية وجدت نفسها مجبرة على الخضوع له,و أنجبت طفلها الأول و هي مازالت طفلة في حاجة ماسة للرعاية و ليس رعاية طفل صغير,لم تتحمل الفتاة قساوة حياتها و قررت الهروب إلى حيث لا تدري,و عاشت و هي تربي طفلها و تشتغل في البيوت لتوفير لقمة عيش لها و لطفلها. من جهته الدكتور "عبد الله زيوزيو"متخصص في الطب النفسي,تحدث لنا عن الجانب النفسي للأمهات القاصرات و الأمهات القاصرات المغتصبات,حيث: قال(كلمة "القاصرات" لا تعطي الحمولة للمعانات التي تعانيها الأم القاصرالمغتصبة,قضيتهم مثل قضية ضحايا الإرهاب و ضحايا سوريا,لأنها تعيش مأساة و مخلفات نفسية كبيرة,حسب تعريف الإتفاقيات الدولية للطفولة,هي من فترة الولادة الى سن الرشد بمعنى أن المراهقة هي طفولة,و القاصر التي تغتصب أو يفرد عليها الزواج تعتبر طفلة ). أغلب القاصرات يفرض عليهن الزواج بعد الإغتصاب يكونون في سن المراهقة, يؤكد الدكتور "زيوزيو"ان المراهقة ليست بالإنحراف,و ليست بسن صعب,و ليست بمر ض نفسي...و يصف الدكتور "زيوزيو" بعض المشتغلين بالإعلام المسموع بالمشعودين لأنهم حسب قوله ينفون وجود شيء إسمه مراهقة بالمغرب,المراهقة بأوربا,و يجيب عليهم الدكتور"زيوزيو", بان الطفلة تغتصب اغتصابا مشروعاعند زواجها في سنها 9 لأنها تفتقر إلى تكوين أو تهييء لعملية الإفتضاض . فيما يتعلق بالمخلفات النفسية فتبقى قوية على القاصر و يبقى لها الخوف الدائم في أي علاقة مع الرجل, قد يؤدي هذا المشكل إلى انفصام في الشخصية و مخلفات نفسية خطيرة,يضيف الدكتور "زيوزيو" :نحن كمجتمع مدني حقوقي له عدد من الفاعلين إلا أننا لم نقم بدورنا بخصوص تخفيض سن الزواج,كما يجب ان يكون هناك مركز انصات متخصص لأن المواكبة قد تقوم بها المؤسسات التعليمية و غيرها. أبي سلبني طفولتي و زوجني دون علمي... بكل أسى استهلت "لمياء" قصتها مع والدها الذي لم يترك لها الخيار سوى تزويجها في سن 14 سنة قائلة : "زوجني والدي بالفاتحة دون أن أدري بالأمر, إلى أن جاء العريس ليصطحبني و إذا بي أصدم من ما فعله والدي بي, لم أقبل الذهاب مع ذلك الرجل لكنه فرض علي طاعة زوجي و الخضوع له دون أن أعرف من هو, خصوصا و أنني كنت أحب زميلي في القسم و كنت أتمنى أن أتمم دراستي و أتزوج به,لكن الواقع كان صادما,حاولت أن لا أرضخ للواقع لكن أبي أصر عل التخلص مني و بيعي لرجل لا أعرفه, عشت مع هذا الزوج 24 سنة و مازلنا نعيش كالغرباء. الزواج المبكر يعرض الفتاة لخطر كبير على المستوى الصحي,كتمزق المهبل وحدوث القيء المستمر عند حدوث الحمل لدى صغيرات السن,و فقر الدم و إختناق الجنين في بطن الأم,وظهور تشوهات عضمية في الحوض و العمود الفقري...هذه المضاعفات الصحية لا تستثني الأم فقط,أيضا الطفل مهدد بمخاطر عديدة كالوفاة,و تأخر نموة العقلي و الجسدي و غير ذلك. و في معرض كلمة "عائشة الخماس"عضوة المكتب التنفيدي لاتحاد العمل النسائي , أشارت إلى أن هذا النوع من الزواج يرتفع من سنة إلى أخرى وفي الغالب تكون هذه القاصر هي الزوجة الثانية,كما أثارت المتدخلة أن هناك العديد من الفتيات اللواتي يتزوجن من رجال يكبرهن بكثير,وفي سياق حديثها ,أفادت الفاعلة الجمعوية أن الزواج بين المهاجرين المغاربة و قاصرات مغربيات ينتهي بالفشل,معتبرة أن هذا الشكل إجرام يرتكب من طرف الجميع إما بمساندته أو الصمت أو قبوله,كما أكدت أن الاغتصاب هو انتهاك لكرامة و خصوصية المرأة,وأن تزويج الفتاة من مغتصبها حكم عليها بالموت وذلك بجعلها تتعرض لإغتصاب يومي عن طريق العنف الذي يمارس عليها من طرف عائلتها و عائلة زوجها حيث أنها تصبح مرفوضة من جميع الأطراف. و حسب معطيات من إتحاد العمل النسائي فإن الاستثناء الذي فتحته مدونة الأسرة المغربية في المادة 20و 21قد أصبح قاعدة,إذ أن العدد وصل إلى47 089 سنة 2009 و هو في تزايد مستمر إذ وصل الى حوالي12 في المائة,من مجموع الزيجات التي تمت سنة 2011 ففي سنة 2010 فاق عدد الطلبات 44 الف 99 في المائة منها متعلقة بطلبات تزويج البنات حكمت بقبول 92 في المائة منها بينهن فتيات لم يتجاوز سنهن 14 سنة مما يشكل اغتصابا تحت يافطة الزواج و استغلالا جنسيا ينعدم فيه التكافؤ و الأهلية , يحرم هؤلاء الفتيات من ابسط الحقوق الانسانية للطفولة. و مع ما تنص عليه المدونة في الفصل 19 من أهية الزواج لا تكتمل الا بلوغ الفتى و الفتاة سن 18 سنة,إذ جاء المطلب برفع سن زواج الفتاة إلى 18 سنة انسجاما مع الحقوق الإنسانية للمرأة بما يسمح لها بمتابعة دراستها و حماية لها و رعاية لطفولتها و وقاية المجتمع من الآفات المترتبة عن زواج القاصرات و من أهمها إنقطاعهن عن الدراسة و إرتفاع نسبة الأمية بينهن,و التفكك الأسري,إذ ان نسبة كبيرة من هذه الزيجات تنتهي بالفشل و40 في المائة من الأمهات المتوفيات هن طفلات قاصرات.