انتظرت وزارة الشؤون الخارجية أسبوعا كاملا للرد على شروط وضعتها الجزائر لفتح الحدود البرية و عبر عنها الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني يوم 19 يونيو الجاري . انتفاضة الخارجية المغربية على التعنت الجزائري أتت في صيغة تنديدية قاسية غير مسبوقة في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين و هو ما يعكس فشل المراهنة على تعقل النظام الجزائري و تعاطيه إيجابيا مع مبادرات التقارب التي كانت حكومة بن كيران قد أطلقتها عقب تنصيبها . بيان وزارة الخارجية الذي صدر في الوقت الميت باعتبار أن وزير الخارجية الجزائري كان قد أعاد قبل يومين فقط بموسكو بلغة ديبلوماسية مرنة ومؤدبة ترتيب مطالب الجزائر من الجار المغربي ، استعمل في المقابل لهجة قاسية قد تشكل مبررا منطقيا لجناح الصقور بالنظام الجزائري للرد بقوة أشد و إحتواء مبادرات التهدئة . المغرب أعرب عن "تنديده الشديد" بالتصريحات الصادرة عن مصادر جزائرية رسمية رهنت فيها تطبيع العلاقات الثنائية وإعادة فتح الحدود البرية بين البلدين، بالعديد من "الشروط" التي لا أساس لها و غير المفهومة و المبنية على منطق متجاوز وشدد على أن لا أحد يملك الحق في رهن مصير ساكنة، كما لا يوجد هناك أي مبرر لمعاكسة تطلعات الشعبين الشقيقين، ولاسيما حقهما المعترف به في حرية التنقل. بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون أبرز أن المملكة المغربية "لا يسعها سوى التنديد بشدة بروح ومنطوق هذه التصريحات، والتعبير عن أسفها الشديد إزاء هذه المواقف المتجاوزة في منهجيتها وغير المبررة في محتواها". وبعدما ذكر بأن الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية كان قد حدد، مؤخرا، ثلاثة شروط تثير "لدى المغرب تحفظات قوية جدا وتساؤلات مشروعة"، سجل البيان أن "مجرد وضع شروط أحادية الجانب لتطبيع العلاقات الثنائية يعد ممارسة ماضوية، ويعكس ثقافة سياسية تعود لحقبة عفا عنها الزمن، في تناقض تام مع متطلبات وآفاق القرن ال 21". وأشار البيان، في هذا الصدد، إلى أن "الشرطين" الأولين اللذين وضعتهما الجزائر واللذين يتحدثان عما تزعم الجزائر أنه "حملة تشهير تقوم بها الدوائر الرسمية وغير الرسمية المغربية ضد الجزائر" و"التعاون الفعلي للمغرب من أجل إيقاف تدفق التهريب، وخاصة المخدرات" يثيران تحفظات جد قوية وتساؤلات مشروعة من قبل المغرب. و توقف بيان الخارجية المغربية عند "الشرط الثالث " الذي وصفه ب"الأكثر خطورة" والذي يؤكد أن "الجزائر تضع قضية الصحراء في صلب العلاقات الثنائية". وعبر البيان عن الأسف لكون "الجزائر نقضت، من جانب واحد، اتفاقية أبرمت على أعلى مستوى، وتم التأكيد عليها غير ما مرة، وهي فصل التعاطي مع ملف الصحراء المغربية عن تطور العلاقات الثنائية". وأضاف المصدر ذاته بهذا الخصوص أنه منذ القرار المشترك بتنظيم لقاءات وزارية بغاية التطبيع الثنائي، "احترم المغرب بشكل كامل، المقاربة التي تم وضعها والتي تحمي المسلسل الثنائي وتترك، بالموازاة مع ذلك وبشكل منفصل، البلدين يدافعان عن وجهتي نظرهما حول قضية الصحراء المغربية". وهكذا فإن المغرب اليوم يضيف البيان- يشهد المجموعة الدولية على تنكر الجزائر، مرة أخرى، لالتزامات قطعتها على نفسها، كما يشهدها على هذه الانعطافة الإضافية إزاء المقاربات المتفق عليها". الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون السيد يوسف العمراني أكد بمناسبة صدور البلاغ المغربي أن الشروط الجزائرية الثلاثة تشكل "مقاربة خطيرة وغير مقبولة تؤدي بنا إلى منطق متقادم وقراءة جد متجاوزة، تذكر بثقافة وردود فعل الحرب الباردة"، مؤكدا أن حسن الجوار والتعاون قيم كونية ودولية لا يمكن رهنها بحالات نفسية وتقلبات مزاجية. المسؤول المغربي شدد على أن المغرب و في جميع الأحوال، سيواصل العمل، كما في الماضي، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، وبحسن نية من أجل انبعاث علاقة قوية مع الجزائر أساسها حسن الجوار والاحترام المتبادل باعتبارهما موجهين أساسيين للسياسة الخارجية المغربية