«الطوبيس» خريطة حديدية تلتقي فيها كل المخلوقات.. البشر والدجاج واللصوص والمتسولون والمغنون والمرضى و»المتربصون»، وكل البلاوي خاصة في ساعات الذروة ..الكل يهرول نحو»الطوبيس» أو سيارة الأجرة الكبيرة أو أي «مركوب» يمكن الطلبة والعمال وموظفو القطاعات التي لم تراع الله في موظفيها أن يصلوا إلى وجهتهم في زمن لا يستطيعون السيطرة عليه، الكل ينظر في الاتجاه الذي ستأتي منه الحافلة ...ليكون الوقوف «المعجزة» أو عدم الوقوف في مجموعة من المحطات رغم توسل الواقفين..اكتظاظ مخيف و بشر من الجنسين ، في مساواة بشعة عنوانها القهر والإذلال ... وداخل الحشد البشري تتحرك القابضة أو القابض بصعوبة كبيرة يسال «شكون اللي ما مقطعش.. ؟».. في هذا الربورتاج نزلنا إلى بعض محطات الرباط ليس لسؤال المواطنين عن معاناتهم مع النقل العمومي بل للقاء المهنيين في قطاع بات بلا اسم او هوية ،حيث تختلط ألوان الحافلات رغم حمل الكثير منها «اسم استاريو» الشركة التابعة لشركة فيوليا الفرنسية التي كانت قد حازت على صفقة عقد التدبير المفوض بشراكة مع مجموعتي حكم وبوزيد كأطراف مساهمة في شركة ستاريو التي صدم إعلان إفلاسها سكان العدوتين وتمارة والصخيرات، بعد أن صدقوا ان النقل المشترك في الرباط وما جاورها سيصبح كمثيله في فرنسا، فالشركة التي رسا عليها المزاد فرنسية وسيرتاحون من «خردة الخواص»واصبحت الاشاعة يقينا بعد انجاز بعض المواقف الواقية وانتشار سيارات تحمل شعارات اشهارية جميلة تعطي الانطباع ان التجول سيصبح سهلا في شوارع بيضاء تحفها الاشجار وتخترقها حافلات جميلة كالحلم .. أفلست اسطاريو وأصبحت وزارة الداخلية وصية على الشركة التي يتحدث باسمها المستخدمون، الكل متذمر وأسف كبير على «شركات الخواص» بكل علاتها وعلى الأيام الأولى التي باشر فيها»النصارى»تدبير النقل الحضري بالولاية، قبل ان ينقلبوا عليهم ليكون الافلاس والسقوط بين يدي غير المهنيين حسب قول اغلب من التقيناهم من عمال و مستخدمين.... توفير الحماية داخل الحافلة كان مطلب اغلب القابضات اللواتي التقيناهن ، حماية من عنف بعض الركاب ، الامر الذي يضطر معه السائق الى التوجه بالحافلة الى مخفر الشرطة ، المشكل تقول س -ل هوعدم اهتمام المسؤولين بامرنا، المفروض حسب قولهم هو ان نستقبل «الكليان احسن استقبال «ومعروف شكون كيركب فالطوبيس وخاصة الحافلات المتوجهة الى احياء هامشية..وعن سؤال يخص الاجر والعطلة السنوية اجابت « ساعات العمل هي 8س يوميا، والأجر 2600درهم «اغلب البنات تقول «س» يستعن بالصبر لاكمال ساعات الدوام..»اما العطلة فهي غير اختيارية والإدارة هي التي تحددها.. نفس الامر اكدت عليه ف_ن التي اكدت ان العمل مع شركات الخواص كان افضل من هذه الشركة، مضيفة كانت هناك تحفيزات وكنا نجد المساندة من الباطرون عند حصول مشكل او عند تعرضنا للعنف، هؤلاء لا يهمهم سوى سلامة «الطوبيس» واي مشكل يقع يصبح مشكلا خاصا بالقابضة وقد تكون النتيجة تقريرا سيئا يدبجه المراقب ليكون الاقتطاع من الاجر او المرور في المجلس التأديبي اوالتوقيف و الطرد عند الغياب غير المبرر..وأضافت ك-ر «كنحاول نسلك انهاري»المشاكل بالجملة والزبون لا يعرف ان القابضة او السائق هما من يؤديان الثمن دائما.. يذكر ان احدى القابضات تعرضت مؤخرا لاعتداء وحشي بطلته زبونة اصطحبت معها كلبا من نوع «CHIEN BERGER انتقاما منها،ليكون النهش والألم وضياع الحق .. وتبقى لكل قابضة حكاية وحال كل واحدة منهن يقول»اين المستقبل في حضن شركة تنهار ..؟ حال السائقين ليس افضل من حال القابضات، بل ربما اسوأ ، احدهم صرخ مهرولا نحو حافلته، عياونا»بالخردة» طوبيسات مهترئة تعبر الشوارع بكل وقاحة رغم حالتها الميكانيكية المتردية والواضحة للعيان لا تحمل أي اسم سوى لون يذكر بالوان شركات الخواص الذين كانوا يتقاسمون غنيمة النقل الحضري قبل ان تربح «استاريو» المزاد..من مشاكل السائقين عدم الاستفادة من منح موجودة في العقدة وأيضا الاقتطاع من الاجرة رغم الادلاء بشهادة مرضية، عدم وجود تحفيزات مادية اضافة الى هزالة الاجر،رغم ما اصبح يتهدد السائق في ظل المدونة الجديدة التي باتت ترعب السائقين ومع ذلك لا يستطيع أي سائق ان يرفض سياقة الحافلة التي تسلم اليه وإلا سيكون مصيره التوقيف والاقتطاع من الأجر، وحتى هذه الحافلات اضحت نوعا من العقاب للسائقين غير المرغوب فيهم .. احد المنسقين الذين قابلناهم اكد ان العمل مع الخواص كان افضل، اما الادارة الحالية فسلمت لأشخاص لا علاقة لهم بالمهنة هناك فائض في الموظفين والكاتبات نتساءل نحن المهنيين ماذا يفعل كل ذلك الطاقم؟ وأين المهني بين هؤلاء لا احد تهمه المصلحة ، بعضهم لم يركب ربما «الطوبيس» يوما ، والمهنيون يهيمون في الشوارع في حافلات تفتقد للصيانة..الكل متذمر داخل شركة مجهولة المصير،لكن اغلبهم صرح: لا يوجد البديل الكل مقيد بمصاريف الأسرة والكراء وترك العمل معناه التشرد .. الغازي بلحاج سائق متقاعد، حسب قوله هو اقدم عنصر في الوكالة المستقلة للنقل الحضري للرباط وسلا اشتغل فيها 37سنة قبل أن تفلس و تتم تصفيتها ليسلم النقل للخواص، لينضم إلى شركة استاريو التي قضى بها ثلاث سنوات ليكون التقاعد والصدمة فالأجر حسب شهادة اطلعنا عليها مسحوبة وموقعة من الصندوق المهني المغربي للتقاعد CIMR فمعاش الرجل لا يصل الى950 درهم للشهر هو الأب ل5 أطفال ، وثمن المنزل الذي يستأجره 1500درهم، ، ضاع كل شيء التقاعد والتامين وجميع المستحقات، نحن أكثر من 300 عنصر جميعنا كنا في الوكالة ونتقاسم نفس المعاناة.. وفي تصريح لرابح التيجاني المكلف بالمكتب النقابي التابع للاتحاد العام للشغالين بالمغرب أكد فيه للعلم أن الشركة دخلت مرحلة الاحتضار، خاصة امام العشوائية التي تدبر بها الإدارة امور النقل داخل الولاية، وهذا راجع لكون مسؤولي الادارة لا علاقة لهم بالقطاع مما اغرق مرفق النقل داخل الولاية في مجموعة من الاختلالات، ومن المشاكل المرآب الموجود بعين اعتيق الذي تحول الى مقبرة للحافلات ، فعوض ان تتم صيانة وإصلاح الحافلات التي تتعرض لاعطاب داخله، يتم نقلها إلى مرائب الخواص في الدارالبيضاء ، واغلب هذه الحافلات هي خردة تتجول تم اكتراؤها من الشركات التي لم تدمج في «استاريو» ب 20 الف درهم للشهر، والحافلات الجديدة هي ايضا تصبح عرضة للاهمال عند تعرضها لاي عطب بسيط، بل تتحول الى مصدر لقطاع الغيار حتى تتحول إلى مجرد خردة، وتبقى اجور المهنيين من سائقين ومنسقين وقابضات هي الاجور الدنيا لا تتجاوز في اغلبها الحد الادنى للاجر، ، رغم ظروفهم العائلية والاجتماعية ، وسوء التدبير هذا والعبث بمستقبل العمال والمستخدمين والشركة التي تعاني ازمة مالية حادة ، تزيد من تازيم النقل العمومي داخل الولاية..