ما أن سمعت أول مرة بزيارة بطلي السلسلة التركية «حريم السلطان» الرائعة للمغرب خلال شهر أبريل المقبل أدركت حينها أن الزيارة لم تتقرر حبا في المغاربة الطيبين ولا حبا في المغرب الجميل، بل فهمت للوهلة الأولى أن الزيارة تندرج في سياق العمل الإشهاري السهل والساذج الذي تلجأ إليه بعض الشركات الإشهارية الغبية، كما حدث مع أبطال مسلسلات مكسيكية وتركية أخرى؛ لكن ما لم أكن لأتصوره هو التكلفة المالية لهذه الزيارة، فقد راجت أخبار شبه مؤكدة أن زيارة كل من خالد أرغنش (السلطان سليمان) ومريم أوزيرلي (السلطانة هيام) والتي لن تستغرق أكثر من 24 ساعة ستكلف المغاربة ما قيمته 600 ألف دولار أي حوالي 540 مليون سنتيم. نعم، إن شركة سياحية خاصة هي التي ستدفع هذا المبلغ، لكن هذا لا يقلل من خطورة ما سيتم الإقدام عليه. أولا، إن اقتصاد البلاد يواجه شحا خطيرا وغير مسبوق من العملة الصعبة، بيد أن هناك من يتصرف بسخاء خطير، فيما يتعلق باستنزاف ما تبقى من رصيدنا من العملة الصعبة، وفي تقديري فإن سماح السلطات المسؤولة بإخراج 600 ألف دولار في هذه الظروف ولتمويل أمر غير ضروري ،يعتبر جريمة حقيقية. ثانيا، ما كل هذا السخاء من طرف القطاع الخاص المغربي تجاه الأجانب، بينما يتعامل ببخل غريب مع الفنانين المغاربة ومع الاستثمار في القطاع السينمائي والثقافي والإعلامي الوطني. ثالثا: إن الإقدام على صرف كل هذا المبلغ من أجل جمال عيون مريم أوزيرلي يعتبر استفزازا حقيقيا وخطيرا لشعور المغاربة، إذ في الوقت الذي نطلب منهم شد الحزام نرى أن هناك من يفرط في فتح هذا الحزام إلى الآخر. يتحدث السيد رئيس الحكومة المحترم عن محاربة الفساد والتبذير، وأعتقد أن ما يحدث في هذا الصدد يندرج في صلب ما يدعو رئيس الحكومة إلى محاربته... فما رأيه؟!