جلالة الملك يهنئ عبد الإله ابن كيران بمناسبة إعادة انتخابه أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    فاتح شهر ذي القعدة لعام 1446 هجرية غدا الثلاثاء 29 أبريل 2025 (وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية)    اضطرابات على مستوى نظام تسجيل الرحلات الجوية بمطارات المملكة    انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال وفرنسا يوقف خدمة الإنترنت لشركة أورونج في المغرب    الملك يستقبل السفراء الجدد    جلالة الملك يستقبل وزراء الشؤون الخارجية بالبلدان الثلاثة الأعضاء في تحالف دول الساحل    وزير العدل.. مراجعة الإطار القانوني للأسلحة البيضاء أخذ حيزا مهما ضمن مشروع مراجعة القانون الجنائي    التوفيق: إجمالي المكافآت التي قدمتها الوزارة للقيمين الدينيين في 2024 بلغ مليارين و350 مليون درهم    رئيس الحكومة الإسباني.. استعدنا التيار الكهربائي بفضل المغرب وفرنسا    برلمانات الجنوب العالمي تعوّل على منتدى الرباط لمناقشة "قضايا مصيرية"    الرباط.. انعقاد الاجتماع ال 11 للجنة العسكرية المشتركة المغربية-الإسبانية    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    تداعيات الكارثة الأوروبية تصل إلى المغرب .. أورنج خارج التغطية    الكهرباء تعود إلى مناطق بإسبانيا    قضايا الإرهاب .. 364 نزيلا يستفيدون من برنامج "مصالحة"    مهنيو الصحة بأكادير يطالبون بحماية دولية للطواقم الطبية في غزة    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي يؤكد دعمه للوحدة الترابية للمملكة ويرفض أي مساس بسيادة المغرب على كامل ترابه    الرياح القوية تلغي الملاحة البحرية بميناء طنجة المدينة    أورونج المغرب تعلن عن اضطرابات في خدمة الإنترنت بسبب انقطاع كهربائي بإسبانيا والبرتغال    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    توقف حركة القطارات في جميع أنحاء إسبانيا    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    بوتين يعلن هدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أيام    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    فعاليات المناظرة الجهوية حول التشجيع الرياضي لجهة الشرق    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    لماذا لا يغطي صندوق الضمان الاجتماعي بعض الأدوية المضادة لسرطان المعدة؟    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعد السياسي لمذكرة حزب الاستقلال
نشر في العلم يوم 10 - 01 - 2013

القراءة السياسية الموضوعية والرصينة لحمولة مذكرة حزب الاستقلال التاريخية إلى رئيس مجلس رئاسة الأغلبية تفترض نوعا من الادراك العميق البعيد عن السطحية والإسفاف و عن محاولات بعض الأطراف بحسن أو سوء نية إسقاط بعض الحواشي والجزئيات وبناء أحكام قيمة غريبة ومستهجنة على المبادرة ككل .
أولا يجب وضع سياق تقديم المذكرة في نطاقه التاريخي والسياسي الصحيح و الواقع أن عنونة المذكرة بهدفها الأساسي في تصديرها بجملة تقوية التنسيق ورفع إنتاجية الأداء الحكومي ينضح لوحده بالإطار العام الذي يحكم إجماع القيادة الحزبية على تبني الخطوة و إطلاقها .
ومنطلق المذكرة يتجلى أساسا في تذكير فقراتها الأولى بمسار الاصلاح الدستوري المتقدم جدا نوعا و كيفا الذي خطه و أطلق خطواته الأولى دستور يوليوز 2011 و ما وفره من مناخ جديد وفر للمغرب وثيقة دستورية متقدمة تبلورت نتيجة لحوار وطني واسع وشكلت بشهادة الجميع إستجابة غير مسبوقة للعديد من الانتظارات التي لا ترقى طبعا لمستوى الكمال لكنها أوجدت مناخا سياسيا غير مسبوق مس في العمق بنية الدولة و حقق باجماع الفرقاء والملاحظين الكثير من المطالب المرفوعة منذ عقود و جسد فعليا مبدأ فصل السلط وعزز مكانة الحكومة دستوريا دون أن ينقص من أدوار و إختصاصات السلطة التشريعية التي بوأها بطرفيها سواء في الأغلبية أو المعارضة مكانة متقدمة و غير مسبوقة في مراقبة الأداء الحكومي و تقييمه و تقويمه .
الجهات التي تدفع حاليا بفرضية تفكك الأغلبية الحكومية و تروج أن نص المذكرة يعبر عن تملص القيادة الاستقلالية عن التزاماتها السياسية كطرف رئيسي في التدبير الحكومي , تبني قراءتها على تأويل سطحي مفرط في النرجسية و الوصاية على قناعات الحزب و مبادئه ومسؤولياته و أيضا إلتزاماته تجاه شركائه في الحقل السياسي و الحزبي و الرسمي .
فروح المذكرة و ديباجتها بعيدة كل البعد عن هذا الاسفاف المغرض في الاثارة والتلغيم حيث تؤكد قيادة الحزب في أكثر من سياق بنص المذكرة أن الحكومة الحالية والتي يشارك فيها باعتزاز تتوفر على اختصاصات مهمة لم تتوفر لسابقاتها منذ الاستقلال و هو ما يسمح بتنفيذ العديد من الأفكار والبرامج في إطار أغلبية منسجمة ومتضامنة.
ومن الواضح أيضا بالرجوع الى الكرونولوجيا الزمنية للأحداث السياسية التي توقفت عندها صيغة المذكرة أن محطة المؤتمر الوطني السادس عشر لحزب الاستقلال شكلت فرصة جديدة لمناضلات ومناضلي الحزب للتذكير بإعتزاز حزب الاستقلال بمشاركته في الحكومة الحالية،وإعتبار النتائج الانتخابية المحصل عليها في الانتخابات التشريعية تقديرا من الناخبين للانجازات التي حققتها الحكومة التي ترأسها الأستاذ عباس الفاسي الأمين العام السابق لحزب الاستقلال.ومن الثابت أن هذا المعطى هو ما استند عليه المجلس الوطني للحزب لإتخاذ قرار المشاركة وإعتبارهذه النتائج دعوة صريحة من الناخبين لحزب الاستقلال بضرورة الاستمرار في موقع المسؤولية.
وعلى هذا الأساس فإن حزب الإستقلال يعتبر تشكيل الحكومة الحالية ونتائج الانتخابات التي أفرزتها تطورا طبيعيا في المسار الديمقراطي لبلادنا، ونتيجة خالصة للعمل النضالي الذي قادته الحركة الوطنية الديمقراطية و توجيها شعبيا للطاقم الحكومي الحالي ليباشر تدبير الشأن العام بما يحفظ الثوابت والإستقرار و الإستمرار في تحقيق الإصلاحات الكبرى .
حزب الاستقلال حريص أشد ما يكون الحرص على نجاح هذه التجربة الحكومية ليس فقط بالنظر إلى مكوناتها، ولكن أساسا لأن اللحظة تحتاج من بلادنا تحقيق مكاسب جديدة على درب الديمقراطية والتنمية، وأن الانتخابات الأخيرة التي أشرفت عليها حكومة الأمين العام السابق لحزب الاستقلال الأستاذ عباس الفاسي، كانت بشهادة الجميع أكثر الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها بلادنا شفافية ونزاهة.
مسألة أساسية أخرى تنبه اليها مذكرة الحزب و هي التأكيد و التذكير لكل من يهمه الأمر وتوضيح طبيعة الحكومة الحالية أمام الرأي العام ، توضيح لا يتوقف عند الحدود التقنية بل يتعداها ليشمل الجوانب السياسية ، فالحكومة الحالية تظل حكومة استمرارية للحكومة السابقة التي قادها حزب الاستقلال بإعتزاز إلى جانب حلفائه في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والإشتراكية، وكذلك لباقي الحكومات التي تشكلت منذ بداية تجربة التناوب التوافقي نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وذلك من خلال إستمرارها في تنفيذ ومواصلة المشاريع والمخططات التي تمت دراستها وإنجازها في تلك الفترة.
وأي محاولة من أي طرف للقفز على هذه المسلمة و سعي لإظهار الحكومة الحالية على أنها حكومة قطيعة، يتنافى كليا مع واقع الحال على مستوى البرامج والسياسات التي تستمر الحكومة الحالية في تنفيذها، في غياب برامج جديدة طيلة سنة من عمر الحكومة ،وهو ما يستوجب الوضوح الكامل حفاظا على الاعتبار الواجب لأحزاب التحالف وللنساء والرجال الذين ساهموا في وضع هذه البرامج والسياسات ، وتوضيح هذا الأمر سيكون له أثر عميق على مسألة الوضوح السياسي وتسليط الضوء على كثير من مناطق العتمة لدى الرأي العام، كما أنه سيساعد في بناء مناخ سليم للعمل المشترك مبني على اطمئنان جميع أطراف التحالف على مبادراتهم وما قدموه في إطار تدبير الشأن العام.
فعمليا جميع السياسات القطاعية التي انطلقت مع الحكومة الحالية، هي سياسات تم إعدادها في عهد الحكومة السابقة بتوجيهات من جلالة الملك : المخطط الأخضر، هاليوتيس ، المخطط الأزرق ، نظام المساعدة الطبية الذي أعطيت إنطلاقته في جهة تادلة أزيلال والسكن الإجتماعي ودعم الولوج إلى السكن لجميع الفئات. أما على مستوى الأوراش الكبرى فلا يمكن تجاوز المشاريع التي إنطلقت في مجال الطرق السيارة و الطرق القروية ، وبناء مطارات والقطار الفائق السرعة وموانئ متعددة وميناء طنجة المتوسطي والإستراتيجية الوطنية لتطوير اللوجستيك التي تشكل الجهاز العصبي للاقتصاد الوطني وشبكة الترامواي وتحرير النقل الطرقي للبضائع والنقل الجوي والأنشطة المينائية الذي يمثل تجسيدا عمليا لمحاربة اقتصاد الريع.
القيادة الاستقلالية لا تنطلق من فراغ لصياغة و توجيه المذكرة الى تحالف الأغلبية فهي تجر وراءها حصيلة متجذرة و متشعبة من تجارب التدبير الحكومي و تدرك أكثر من غيرها دون أن تزايد على أحد طبعا أن توقيت طرح المذكرة يعبر عن قناعة جماعية تتبلور لدى الجميع بأن إلتزام الحزب تجاه شركائه في التدبير الحكومي و تجاه برنامجه الانتخابي الذي قدمه للشعب المغربي يضعه أمام المسؤولية التاريخية لأخد زمام المبادرة بشفافية ووضوح و مسؤولية ليضع حصيلة التجربة التي مرت عليها سنة في محك التقييم الموضوعي الذي لا يبتغي الإنتقاص من قيمتها أو تلغيمها كما يدعي البعض و لكن يمد يده ممدودة للجميع لتجاوز كل ما يكتنفها من نقائص و عثرات لا تخفى على عاقل ذو منطق سليم .
حزب الاستقلال سيظل ملتزما بموقعه كجزء من الأغلبية الحكومية ملتزما بقوانينه التي تمنح لمجلسه الوطني فقط صلاحية تغيير أو تعديل موقفه منها .
و ما بعد المذكرة يتعين أن ينصب بارادة جميع الاطراف و بحسن نية منهم أيضا الى التعمق في مضامين المذكرة و أبعادها لاستجلاء ما تحبل به إقتراحات و أفكار و تدابير جريئة لمعالجة أسباب التعثر و غياب الانسجام بين الفريق الحكومي و تعطيل قيادته السياسية التي تسنده شعبيا عن القيام بالأدوار المطلوبة منها ثم البحث في سبل و تدابير تجاوز ما تتسم به التجربة من بطىء و عدم جاهزية و التي يشكل التعديل الجزئي أحد مداخل مباشرتها بالشكل السليم و المردودية الاجتماعية و الاقتصادية المتوخاة .
هذه هي فلسفة و جوهر البعد السياسي لمذكرة الحزب و عليها يجب أن ترتكز تحليلات النقاد و المهتمين و المعنيين و ليس حول هوامشها الضيقة التي لا تحتمل الكثير من الانفعالية و التبسيط الموغل في الديماغوجية البدائية و السفسطائية المجانية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.