يقول عبد الفتاح كيليطو في معرض حديثه عن قضية القراءة في الأعمال السردية: «خذ رواية مثلاً، تجد فيها عناصر تاريخية،وعناصر نفسية وعناصر جغرافية، وعناصر اجتماعية،أحياناً في نفس الصفحة. فإذا بك تتحول وأنت تقرأ هذه الصفحة، إلى مؤرخ وجغرافي ومحلل نفسي أو نفساني وعالم اجتماع... قد يقول البعض: ما يجب أن نهتم به هو ما يسمى بأدبية النص، الصيغة الأدبية للنص، وكفى. لكن ماذا سنفعل بالباقي؟ هذا بالإضافة إلى أن الدراسات التي أنجزت لحد الآن حول أدبية النص هي دراسات في اعتقادي هزيلة. هل نقول نترك كل العناصر التي أشرت إليها للمختص؟ مثلا عالم الاجتماع نترك له دراسة المحتوى الاجتماعي للنص. وهكذا. لكن المسألة ليست بهذه البساطة. ذلك أن المختص نفسه يتحول عندما يدرس الأدب إلى متعدد حرف Bricoleur.»1 يتضح من خلال هذا الاستشهاد أن دارس الأدب، السرد تحديداً، ملزم بأن يكون واسع الاطلاع على مجالات معرفية متعددة، إذ يبدو أن الاكتفاء بحقل معرفي واحد في دراسة الأعمال السردية غير كافٍ للأسباب التي ذكرها كيليطو، كما أن الاقتصار على الدراسات الشكلانية لوحدها في مقاربة الأعمال السردية، رغم نزوعها إلى العلمية، لم يعد مقنعاً بالنسبة للعديد من الباحثين في مجال النقد الأدبي، بعدما بدأت في استنفاد أسئلتها الكبرى وإمكانياتها المعرفية، وفي إطار هذا النقاش يندرج مؤلف الباحث المغربي عياد أبلال «أنثربولوجيا الأدب: دراسة أنثربولوجية للسرد العربي»2، حيث يحاول المؤلف في هذا العمل ملاحقة مجموعة من الظواهر الأنثربولوجية والاجتماعية والثقافية في عدد من الأعمال السردية المغربية والعربية، بواسطة ما يسمية ب»المنهج الأنثربولوجي التأويلي الرمزي»، انطلاقاً من فرضية أن النص الأدبي جزء من الثقافة والمجتمع، والأديب لا يختلف في كثير من الأحيان عن الأنثربولوجي في رصده للظواهر الأنثربو-إجتماعية، إذ يبقى الفرق بين الاثنين فقط أن الأول أنثربولوجي مكتبي والثاني أنثربولوجي ميداني.