كشف مصدر وثيق الإطلاع أن إقدام إحدى بواخر الصيد في أعالي البحار على إفراغ مايناهز 97 طنا من السمك في عرض مياه البحر لم يكن من قبيل الصدفة. وليس بهدف الحفاظ على ثمن السمك مرتفعا كما قد يتبادر إلى الذهن، وأن نشر صور لهذا الإفراغ على »اليوتوب« كان بهدف الزيادة في إحراج المسؤولين الرسميين على هذا القطاع الاستراتيجي، وأوضح هذا المصدر أن قيام مركبين للصيد على التخلص من هذه الكمية الهائلة من الأسماك جاء بعد الاحتجاجات التي قام بها مهنيو الصيد خصوصا النقابات المؤطرة للقطاع بالداخلة بعدما شاع خبر إقدام باخرتين من نوع بيلاجيك على صيد كميات كبيرة جدا من الأسماك من نوع »القرب« وهي غير مرخصة بذلك، حيث إن الترخيص الذي تمارس به نشاطها يحصر صيدها في سمك السردين، مع هامش لايقبل أن يتجاوز 5 بالمائة لما يمكن أن يسمى بالصيد الاستثنائي الذي قد يعلق بالشباك. وفي ضوء هذه الاحتجاجات اضطر المسؤولون على المكتب الوطني للصيد بتغريم الباخرتين معا ب 600 ألف درهم، وهو الأمر الذي اعتبره المهنيون المحتجون نوعا من المحاباة، لأن عائدات هاتين الباخرتين من الكمية المصطادة خارج القانون يضاعف قيمة الغرامة بأكثر من الضعفين، وهي صيغة يلتجىء إليها خارقو القانون. مادام الربح مضمونا، وأمام ارتفاع الاحتجاج اضطر المسؤولون عن المكتب الوطني للصيد إلى إصدار قرار الحجز على المبالغ المالية التي بيعت بها كمية الأسماك المصطادة خارج دائرة القانون مع الابقاء على الغرامة، وهو الخبر الذي انتقل سريعا إلى إحدى البواخر التي كانت قد اصطادت 97 طنا من سمك القرب وكانت تهم بدخول الميناء، مما أجبر مالكي الباخرة على إعطاء تعليماتهم لربان الباخرة بضرورة التخلص من هذه الكمية الكبيرة من الأسماك. إلا أن نشر »اليوتوب« على نطاق واسع شجع مهنيون على المطالبة بفتح تحقيق قضائي مستقل حول ما حدث لمحاسبة المتورطين الذين لا يتوانون في استنزاف الثروة السمكية الوطنية، وأكدوا أن قيام مركبين باصطياد أنواع من السمك غير مبينة في رخصتيهما يعد مخالفا جملة وتفصيلا للظهير الشريف 1973 المنظم لقطاع الصيد البحري بالمغرب، ولاسيما الفصل 33 منه، الذي من بين ما ينص عليه أنه يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة وبغرامة مالية من 5 آلاف درهم إلى مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من اصطاد أسماكا أو رخويات أو قنافد أو قشريات غير المبينة في رخصة الصيد أو حاول اصطيادها أو عمل علي اصطيادها. وأوضح المهنيون أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها خرق القانون المنظم لعملية الصيد وحماية الثروة السمكية وتبييض هذا العمل الجائر والغير مشروع عبر استغلال النفوذ والصفة التمثيلية للمؤسسات والمنظمات المهنية. وفي سياق متصل، قامت هيئات المجتمع المدني بالداخلة بتوجيه شكاية إلى النيابة العامة في الموضوع قصد فتح تحقيق معمق على سبيل الاستعجال، مؤكدة على استعدادها التام للمواجهة مع هؤلاء أمام الضابطة القضائية.