يسعى أعداء الإسلام الحاقدون عليه المتآمرون ضده، إلى زعزعة الاستقرار والمساس بالأمن والسلم في جميع مناطق العالم الإسلامي، من خلال ابتكارهم لأساليب في غاية الدهاء والمكر والخبث ، تتراوح بين إنتاج فيلم سينمائي دنيء وحقير ووضيع، عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وبين نشر رسوم كاريكاتورية مستفزة لمشاعر المسلمين، وبين بث برامج تلفزيونية مغرضة تنشر الأكاذيب والمغالطات والترهات، وبين نشر الكتب الطاعنة في الإسلام المتجنية المفترية عليه المسيئة إليه المحرضة الرأي العام العالمي ضده، باعتبار أن الإسلام فيما يزعمون، دين العنف والتطرف والهمجية يتعارض مع التقدم والحداثة، إلى غير ذلك من الوسائل الوضيعة التي يلجأ إليها هؤلاء الذين في قلوبهم مرض، والذين يأكل الحقد على الإسلام وعلى المسلمين أكبادهم، فيعميهم عن رؤية الحقائق، ويرميهم إلى مهاوي البهتان والخسران والضلال والانحراف عن الحق والمنطق والنزاهة والموضوعية. إنها الغارة على العالم الإسلامي بأساليب جديدة، ترمي إلى الأهداف التي تتلاءم والمتغيرات التي يعرفها العالم اليوم. ففي الوقت الذي يتواصل فيه قتل الشعب السوري على أيدي العصابة الإجرامية التي تمسك بزمام الأمر في النظام السوري، وتتواصل الحرب التي تفتك بالشعب الأفغاني، وتستمر الأوضاع المضطربة في عديد من الدول العربية والإسلامية في اتجاه التصعيد المرعب لتطور الأحداث فيها، وفي الوقت الذي يتعرض الشعب الفلسطيني للإبادة على يد العصابة الصهيونية في إسرائيل أمام مرأى ومسمع من العالم، في هذا الوقت تشن الحرب الإعلامية الضارية على الإسلام وعلى الأمة الإسلامية جمعاء، وتجر الشعوب الإسلامية إلى المواجهة غير المتكافئة مع القوى الدولية العظمى، مما يعود بالضرر على مجمل العلاقات القائمة بين الدول العربية والإسلامية، وبين تلك القوى التي تتحكم في مصير العالم، وهو الأمر الذي يهدد الأمن والسلم، ليس فقط في العالم العربي الإسلامي، وإنما في العالم أجمع، على نحو يقطع الشك باليقين بأن أعداء الإسلام يجتهدون ويمكرون لضرب المصالح العليا للأمة العربية الإسلامية في الصميم، ولتعطيل حركة النمو الاقتصادي والإصلاح السياسي والتطور الاجتماعي والنهوض الثقافي والحضاري في البلدان العربية والإسلامية، حتى تظل تحت رحمة القوى الباطشة التي يهمها في المقام الأول، أن يبقى العرب والمسلمون في مؤخرة الركب الإنساني يحتلون المكانة الدنيا في تقارير الأممالمتحدة حول التنمية البشرية. وإذا كان أعداء الإسلام، على اختلاف توجهاتهم وتباين الأساليب التي يستخدمونها، يعملون بهذا الحقد والمكر والإمعان في الإساءة إلى عقائد المسلمين ورموزهم الدينية، فإن الشعوب العربية الإسلامية تنزلق نحو المنحدر الذي يرسمون تضاريسه وتنساق مع الدعايات المغرضة التي يجيدون إدارتها، وتسير وراء من أراد بها وبدينها وبنبيها سوءًا. وهو الأمر الذي يقتضي قدرًا كبيرًا من اليقظة والتنبّه والوعي بما يدبر للمسلمين من مؤامرات هم للأسف، عنها ساهون، ولها جاهلون، أو هم مترددون أمامها لا يستطيعون حراكًا في الاتجاه الصحيح، من أجل الدفاع عن ذواتهم وخصوصياتهم ومصالحهم وأمن بلدانهم واستقرار أوطانهم وسلامة دولهم. إن المسؤولية هنا مسؤولية مشتركة بين الجميع، حكومات وشعوبًا وهيئات المجتمع المدني ونخبًا ثقافية وعلمية وإبداعية وإعلامية، للتصدّي لهذه الغارة الشديدة العنف، بالطرق السلمية والأساليب السليمة التي لا عوج فيها ، وبمنطق العصر الذي لا التباس فيه، لا بالاندفاع الأهوج والشطط في التعامل مع من يسيء إلى دينهم الحنيف ونبيهم صلى الله عليه وسلم، ويعمل بكل الوسائل لاستفزازهم وتعكير صفو الأمن والاستقرار في بلدانهم. المسؤولية المشتركة تجمع بين الدول والشعوب، وبين الحكومات والمعارضة، وبين جميع الشركاء في الوطن، إن على المستوى المحلي أو على المستوى الإقليمي والعربي الإسلامي. ولابد أن نبرز في هذا السياق أن منظمة التعاون الإسلامي التي تضم في عضويتها 57 دولة، تتحمل القسط الأوفر من هذه المسؤولية اليوم وغدًا.