ما إن أزفت الذكرى الأربعين، واغرورقت بأدمعها الحرَّى، حدادا، على رحيل الأديب والإعلامي الكبير، «عبدالجبار السحيمي»، حتى التأمت كل الأصوات في حنجرة واحدة؛ أصوات فعاليات ثقافية وسياسية وصحافية وجامعية، للَّهج بشهادات بليغة تنطق ملء حشاشة أنفس، لا تزيغ قَيْدَ نسيان، عن حِلْيَة أثيرة، اسمها: ثقافة الإعتراف؛ وهي لعمري ثقافة، لو رسخت بسلوكها الحضاري في سويداء المجتمع، لضاعفت الحياة في أرواح أعلامنا الأفذاذ، وعاشوا في الذاكرة الإنسانية أبدا؛ لذا آل حزب الاستقلال بمعية جريدة «العلم»، إلا أن يشرق بهذه الحِلْية النبيلة التي تضع في دائرة الضوء الألمعية، أحد رجالاته الراسخين أدبا وإعلاما؛ الأستاذ عبدالجبار السحيمي، وذلك بإقامة احتفالية تأبينية كبرى، يوم 16 يونيو 2012، بدءاً من الساعة الخامسة والنصف مساء، بقاعة اباحنيني بالرباط؛ هو إذاً، نداء الكلمة.. لأديب عشق الكلمة الحرّة والمبدعة، فما نسيته بشهادتها الخالدة، ولا محا ليلٌ نهارَها الأفصح من ذهب صريح؛ أليس هو من استقطر من مستحيل زمن الرصاص، رحيقاً حاراً مازال يسري بالعنفوان، في أوصال الأدب المغربي؟؛ لنقل إن المبدع من جِبِلّة جيل «عبد الجبار السحيمي» الأكثر واقعية، كان أوفر وأعمق حلماً، لأنه يبقى يعيش في دواخله، بنوع من التمزق الروحي، تلكم القيم والمثُل، التي يعسر تطبيق يوطوبياها في الواقع!؛ أما عن عبد الجبار في وريده الموصول دافقاً بجريدة «العلم»، فلنا الجزم أنه وجد الأدب على السليقة، فكان رحمه الله، يعيش في كل يوم، مجموعة قصصية، مع الصحافيين والمصححين، والمراسلين، والعاملين في المطبعة، ويعيشها مع نفسه حين يخلو لما سينْكتب بخط اليد، على أن يكون ما سيكتبه، يجيب شافيا عن السؤال الفلسفي: ما جدوى الكتابة؟؛ وليست الكتابة في ديدن عبد الجبار، سوى خدمة الناس ولو باللغة.. اللغة الصحافية التي تكتنف في باطنها، إيقاع الأدب وشغبه الإبداعي، الذي يعلو بالحدث، ولو كان في الدرجة الصفر؛ هكذا يلتئم الجميع في الكلمة الطيبة التي عشقها أديبنا حد الفناء، ليُورق في قامة ذات الشجرة، اتحاد كتاب المغرب، بلقاء تأبيني كبير، يعيد الروح في ذكرى لن تغدو أبدا نسياً منسياً، ما دامت تحمل اسم إعلامي مبدع أقام سرمداً بين برزخي الممكن والمستحيل، وذلك يوم غد الخميس بدءاً من الساعة الخامسة مساء بالمكتبة الوطنية بالرباط؛ لنكن جميعاً في الموعدين؛ عسى أن يُكتب لكلمتنا سطر في حياة أديب أكبر من أن يتحول لمجرد ذكرى...!