لهذا الربيع اختراق المنايا له كلما طاولَ الشرخُ عرشَ التواريخ فجرٌ يبرعم وجه البدايات يوقدُ جذوة حرف تهاوى صهيلا تكوَّم في بيدر الصمت لا الموتُ أشعله لا احتراق الحنايا... له قبسٌ من منابع ضوء تجلَّت فحلَّت بطين المساء الأخير... تماديت يا أيها الطين كيف تحمَّمت بالقيظ كيف شربت كؤوسَ الهواجس لينغلَ كالدود فيك زمانُ الخطايا سيكفيك ما فيك من قطرات الجلال لتقتلع الصمت ها أنت تسرج خيلَ الصباح تؤجج نارَ الصهيل التي أخمدتها رعونةُ هذي التواريخ تلفُظُ هاويةً تمتطي خبثها سلَّما كي يجِفَّ بغيمك ماء الصعود... لن يعود لن يشرنق هذا الصقيع سوى يرقاتِ الصباح المباح سوى صولةٍ من كلام يزمجرُ لا يوقف الليل جدولَه قد طفا فوق أرض السماء... سوى صوتِك الحر يلفظ ما قد تكوَّم في زنزنات القلوب و يلبس كالطير أجنحة للرحيل... فيا أيها الفجر دثِّره بالنور علِّمه كيف يدكُّ البياض ظلام القيود وكيف يذوب الجليد إذا ما تعرَّى فللشمس قانونها المجتبى قد سبا كل ما حجَّرته الحكاياتُ يوما ليشربَ من يسكن الأرض كأسَ الهواء ويا أيها الممتطي صهوة الرفض أسكب على صفحة الكون ماءَ الخروج و دوِّن تواريخَك المشتهاة... على هذه الأرض ما يستحق العروجَ إلى منبت الضوء لملم جناحك من نبعه و امتشق سباً كي تشقَّ بحورَ الطواغيت من صرحه فليس لهامان أن يبنيَ اليوم جسرَ الهروب... له أن يلملم رمل الصحارى شظايا الزمان المكلَّس موت الحكايا انبجاس المواقيت من حجر الصمت تنبت ورد الحقيقة تغسل وجه السماء... سماويةٌ هذه الأرض تلبسُ من قوسها لونها تُشهد الوقت أن الربيع تفتق من أرخبيل المساء و أن الظلام المسجى تناثر كي تستفيق المناراتُ فينا و كي ينتهي عمرُ هذا الهباء...