بسحبه الثقة من المبعوث الشخصي للأمين العام لا يعدو المغرب أن يكون قد مارس أحد حقوقه السيادية التي تتيحها له الأعراف و القوانين الدولية . المملكة مقتنعة بأن روس قد حاد عن خطة مجلس الأمن لإيجاد حل سياسي متوافق عليه بين طرفي النزاع و تشجيعهما للتقدم في هذا الاتجاه . كما تجاوز حدود التفويض السياسي الممنوح له و دخل في متاهات مقاربات و مبادرات شخصية خارج منظومة مجلس الأمن و دون العودة على الأقل للمملكة كشريك في عملية السلام لأخذ رأيها . الواضح أن السيد روس خضع في الأشهر الأخيرة بشكل متعمد و سافر لإملاءات الجزائر و الانفصاليين و خول لنفسه الحق في الالتفاف على مقررات مجلس الأمن و تطويعها بما يجعلها تخدم مصلحة أحد أطراف النزاع . المغرب في شخص الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية السيد يوسف العمراني قطع الشك باليقين و أعلن أنه لن يقبل الاشتغال مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة» السيد كريستوفر روس مشددا على أن ما يهم المملكة هو التوصل إلى حل سياسي في إطار احترام السيادة المغربية الغير قابلة للمساس . الرسالة واضحة و لا غبار عليها ،روس فشل في مهمته و أضحى يخبط خبط عشواء ، و مسار مسلسل المفاوضات في تراجع مسترسل . وقد أعادت مبادرات روس الانفرادية المسلسل برمته الى نقطة الصفر وفسر قرارات الأممالمتحدة وفق مزاج مصلحي يخدم الطرف الانفصالي و الجزائري ، و المغرب يتوفر على ما يكفي من المشروعية التاريخية و القانونية و يعول أيضا على جبهة داخلية متراصة ليفشل كل مساعي تمييع المسار الأممي . لا يهمنا موقف بان كي مون من قرار سحب الثقة من موفده , فمنطق الوساطة ينبني على شرط التوافق على شكلها و حدودها و مواصفاتها و شروطها . موقف المغرب سليم من ناحية القانون الدولي, فهو متمسك بالتزاماته الدولية و بمقررات مجلس الأمن ذات الصلة بموضوع النزاع و قد بدل كل ما طلب منه في إتجاه الدفع الى إيجاد حل سياسي متوافق عليه للنزاع المفتعل . واحترام المغرب للشرعية الدولية لا يتعارض مع قناعاته المؤسسة و سعيه الحثيث لاستكمال وحدته الترابية كخيارشرعي و مصيري لا يمكن أن يكون موضوع مساومة أو تشكيك . لقد ثبت للجميع أن مخططات و مقترحات التسوية الأممية القائمة على آلية الاستفتاء حول تقرير المصير قد تجاوزتها الأحداث و المستجدات و الظروف و أضحت و بشهادة المهتمين و الفاعلين عصية على التنفيذ و في المقابل فإن المبادرة المغربية حول مقترح الحكم الذاتي تشكل الأرضية السياسية الوحيدة المتاحة للتفاوض في مسلسل التسوية . محاولة البعض الالتفاف حول هذه الأرضية و بعث الخيارات المتقادمة من رمادها لا يشكل في واقع الأمر إلا مغامرة محفوفة بالمخاطر تمثل تهديدا للسلم و السلام بالمنطقة ككل لأنها تزكي وضعا شاذا ستكون له تداعيات وخيمة على التوازنات الجيوسياسية بالمنطقة و على السلم بالمنطقة الحساسة . وعمليا المغرب مطالب بعدم الرضوخ لكل أشكال الضغط و المساومة كيفما كان نوعها ومصدرها , و القرار المغربي الحاسم و المطلوب و الذي يعكس في جوهره قناعات الرأي العام الوطني يجب أن لا يكون موضوع نقاش أو مساومة . أعداء المصالح العليا للبلد يتربصون أي كبوة في أداء الديبلوماسية الرسمية للركوب عليها و توظيفها ومبادرات التسويات الديبلوماسية و التنازلات المتسترة المحتملة غير مرغوب فيها في مثل هذه النوازل . المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها ،هي لازمة و شعار 35 مليون مغربي من طنجة الى الكويرة وهي حافز قوي للمسؤولين المغاربة و سند لها لكي تعلنها صارخة واضحة لأي كان ، لا مجال للمناورة في قضية المغاربة الأولى و لا مجال للمساومة في وحدة المغرب الترابية و بعد ذلك فلتسقط حسابات روس و قادة الرابوني و الجزائر و من والاهما .