كشف تقرير للبنك الدولي صدر اليوم أنه يتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحقيق معدل نمو مزدوج المسار في عام 2012. وقال التقرير الذي يتناول آخر المستجدات والتطورات الاقتصادية بالمنطقة إنه يتوقع أن يرتفع معدل النمو في البلدان المصدرة للنفط بنسبة 2 في المائة ليصل إلى 5.4 في المائة في 2012، في حين لن يتجاوز معدل النمو في البلدان المستوردة للنفط نصف هذا المعدل نظراً لأن المخاطر الداخلية والخارجية لا تزال تهدد آفاق الانتعاش الاقتصادي. ويعرض التقرير الصادر بعنوان "منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: تعزيز معجزة التوظيف" - ، تحليلاً شاملاً للأداء الاقتصادي في الآونة الأخيرة في المنطقة، لكنه أفرد جزءاً كاملاً للتحدي الأكبر الذي تواجهه المنطقة في مجال السياسات، وهو: خلق فرص العمل. ولما كانت معدلات البطالة بين الشباب تتجاوز 25 في المائة، أصبح إيجاد سبيل للتصدي لأحد تحديات التنمية طويلة الأمد أكثر إلحاحاً الآن من أي وقت مضى. ويتفحص مؤلفو هذا التقرير انتشار معجزات التوظيف ثم محدداتها في جميع أنحاء العالم على مدى الثلاثين سنة الماضية، والوقوف على ما حققته هذه المعجزات من خفض كبير ومستدام في معدلات البطالة. وعلى الرغم من أن هذه المعجزات أقل انتشاراً في المنطقة، فإنها تحدث على نحو متواتر إلى حد ما في أماكن أخرى من العالم، كما إنها ترتبط بتراجع كبير في معدلات البطالة. وفي هذا السياق، يحدد التقرير ما قد يحقق النفع والفائدة لبلدان المنطقة في إطار سعيها إلى تحقيق معجزات مماثلة الآن. ويشير التقرير إلى زيادة معدلات احتمال حدوث معجزة التوظيف بصورة كبيرة في البلدان التي لديها أطر تنظيمية أفضل. وتتضمن أدوات السياسات بالغة الأهمية الرامية إلى خلق فرص عمل مستدامة الإدارة الحكيمة للاقتصاد الكلي، والتنظيم السليم لأنشطة الأعمال، ونظم الحكم الرشيد. وتعليقا على ذلك، تقول كارولين فرويند، رئيسة الخبراء الاقتصاديين بمكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي: "إن التنظيم الجيد يحقق منافع مضاعفة من حيث تشجيع التوظيف. وتبين العينات العالمية التي أخذناها من معجزات التوظيف التي حدثت في الماضي أن التنظيم الجيد يصاحبه تراجع في متوسط معدلات البطالة، وتحسن آفاق فرص العمل المستدامة في الأوقات التي ترتفع فيها معدلات البطالة." وتضيف فرويند قائلة إن اللوائح التنظيمية لأنشطة الأعمال والسياسات المشجعة للتجارة تعزز بصورة كبيرة خلق فرص العمل، لكنها شددت على أن عملية صياغة هذه اللوائح وتنفيذها لا يمكن أن تنفصل عن وجود نظم حكم رشيد. ولا يتوقف مدى ارتباط تنظيم أنشطة الأعمال بخلق فرص العمل على القواعد السليمة فحسب، ولكنه يتوقف بشدة أيضاً على مدى تنفيذها بصورة ملائمة على أرض الواقع. وبالتالي، يخلص هذا التقرير إلى أن حل مشكلة البطالة في المنطقة يكمن في تحسين نظم إدارة الحكم وما يصاحبه من تحسينات في الأطر التنظيمية وإنفاذها. وفي سياق قصة التنمية في المنطقة، يتوقع التقرير أن تصل معدلات النمو الشامل في 2012 إلى 4.8 في المائة متجاوزة بذلك ما تحقق من معدلات بلغت 3 في المائة في 2011. وتعتمد آفاق الاقتصاد الكلي على التطورات السياسية في المنطقة وخارجها. وهناك مخاطر متعددة تعكس الظروف الداخلية المتباينة في المنطقة لا سيما في البلدان المستوردة للنفط، وفي الاقتصاد العالمي. وتتضمن هذه المخاطر ضبابية المشهد على صعيد التحولات السياسية، والمستجدات في أسعار النفط، والمخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد الكلي على المستوى المحلي والعالمي، والتوترات الجغرافية والسياسية. ولا تزال البلدان المستوردة للنفط، لا سيما تلك التي تشهد تعافيا من الاضطرابات السياسية، معرضة لأخطار مع اتساع نطاق علاوات المخاطر، وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي، وزيادة الصعوبات التي تواجهها لتمويل العجز في الموازنة العامة والحساب الجاري. وستتضرر البلدان المستوردة (بالصافي) للنفط من زيادة أسعار النفط، كما ستتأثر تلك البلدان التي ترتبط بشدة بالاتحاد الأوروبي بضعف معدلات النمو المتوقعة في منطقة اليورو. كما ستستفيد البلدان المستوردة للنفط التي لديها روابط مع دول مجلس التعاون الخليجي من النمو القوي الذي تشهده هذه الدول من خلال التبادل التجاري والاستثمارات وتحويلات العاملين. وتقول فرويند: "إن هذه الصورة تبين على نحو جلي مسار النمو المزدوج في المنطقة في 2012. "فغموض المشهد السياسي الداخلي، والتطورات الكبرى في الاقتصاد العالمي بما في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار النفط الخام وضعف النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو يخلق تحديات جساما أمام البلدان المستوردة للنفط، بينما نجد أن زيادة أسعار النفط توسع نطاق الفرص أمام البلدان المصدرة له".