أجمع الاستقلاليات والاستقلاليون على أن يكون مؤتمرهم السادس عشر مؤتمرا للتميز ، وقد تبلور هذا الوعي الجماعي إيمانا منهم بضرورة كسب الرهانات السياسية والتنظيمية الكبرى لتؤهل حزبهم تأهيلا شاملا ، وذلك في سياق الحراك الوطني والإقليمي الذي أحدث تحولات كبرى فرضت مناهج متباينة في التعامل مع استفاقة الضمير الشعبي. وإذا كان المغرب قد شكل استثناء حقيقيا في المنطقة العربية ، فإن ذلك جاء أولا بفضل التراكمات التي حققتها بلادنا في المجال الديمقراطي وإقرار الحريات العامة ، وثانيا بفضل الرؤية السديدة لجلالة الملك الذي بادر في خطاب مارس 2011 إلى إعلان الانتقال الديمقراطي الكبير للمغرب توج بإقرار دستور جديد للمغرب يستوعب متطلبات المرحلة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وبيئيا ، ويتطلع نحو استشراف المستقبل مسلحا بكل الآليات الديمقراطية والحكامة وإشراك الشعب في صياغة اختياراته الكبرى . في ظل هذا الحراك ، لم يكن حزب الاستقلال بمعزل عن هذه التحولات ، بل شارك في صناعتها وهو يترأس الحكومة ، وهو اليوم يتطلع إلى استكمال دوره التاريخي في مغرب ما بعد الدستور الجديد . لذلك فمحطة المؤتمر السادس عشر للحزب لن تكون محطة تنظيمية عادية ، بل جميع الاستقلاليين يراهنون على جعل حزبهم في مستوى هذه اللحظة التاريخية في حياة بلادنا وفي حياة الحزب ويراهنون على ربح التحديات الكبرى سياسيا وتنظيميا وفكريا، حتى يحققون الانتقال الحزبي الكبير الذي ينشدونه انطلاقا من إيمانهم العميق بضرورات تطوير الحزب وتجديده على جميع المستويات. لذلك فإن مؤتمر التميز سيكون مناسبة للإعلان عن المشروع المجتمعي للحزب بما يتطلب ذلك من إعمال للاجتهاد والفكر لتحيين مذهبه و أدبياته ومرجعياته وبصفة خاصة وثيقة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية ، وصياغة رؤية جديدة للمجتمع ولقضاياه الكبرى في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية مع التمسك بثوابته ، بالإضافة إلى تثمين القيم والمبادئ التي يدافع عنها لتكون الموجه والمؤطر لمشروعه المجتمعي الشامل. لقد كان الزعيم علال الفاسي رحمه الله يؤكد أن النقد والنقد الذاتي منهج عام ينبغي اعتماده لتطوير الفكر ورؤيتنا لقضايا المجتمع ، ولا شك أن المؤتمر المقبل للحزب سيكون مناسبة لممارسة النقذ الذاتي ، للوقوف على المسار السياسي والفكري والتنظيمي للحزب لتثمين المكتسبات الإيجابية التي تحققت ، وكذلك لرصد بعض النواقص والسعي لتجاوزها في إطار إعمال منهجية التفكير شموليا كما يدعونا إلى ذلك الزعيم علال الفاسي في كتابه النقد الذاتي وعدم الانشغال ببعض الجزئيات التي قد تحجب فكرنا عن القضايا الكبرى. وعلى المستوى السياسي ، سيكون المؤتمر المقبل مؤتمرا للتميز لأنه سيقدم الأجوبة الكبرى عن الإشكالات السياسية المطروحة ، سواء على مستوى ترسيخ المشروع الديمقراطي لبلادنا وتحصين المكتسبات في مجال الحريات العامة وترسيخ دولة الحق والقانون والمؤسسات، بالإضافة إلى صياغة الاختيارات الكبرى للحزب في مجال التنزيل الديمقراطي للدستور وإقرار الحكامة السياسية ، وآفاق التحالفات السياسية المقبلة وعلاقة الحزب بباقي المكونات السياسية، ورؤيته لعلاقة الدولة بالمجتمع. وعلى المستوى التنظيمي ، سيكون المؤتمر السادس عشر للحزب مؤتمرا للتميز ، لأنه بدون شك سيعلن عن التحديث التنظيمي الشامل ، مع ما يعنيه ذلك من إقرار للحكامة الحزبية ، ومن ترسيخ للديمقراطية الداخلية ، ومن إنصاف للمناضلات والمناضلين عبر إقرار معايير شفافة وواضحة تؤطر العمل التنظيمي للحزب ، وتجعل من المناضل مصدر الفعل الحزبي واختياراته الكبرى. كما أننا مطالبون بتفعيل المشروع التنظيمي الجهوي للحزب في إطار اللامركزية الحزبية وسياسة القرب استعدادا لمشروع الجهوية المتقدمة. لذلك فإن جميع الاستقلاليين مطالبون بفتح نقاشات في فروع الحزب حول مجمل هذه القضايا كما أنهم مطالبون بالتعبئة الشاملة لإنجاح عمل اللجان التحضيرية الفرعية الأربعة عشر وبالمساهمة الفاعلة في الإنتاج الفكري والسياسي ، لصياغة وتحديث المشروع المجتمعي للحزب حتى يكون الحزب في مستوى تحديات ومتطلبات المرحلة، وفاعلا أساسيا في بناء مغرب المستقبل