من المنتظر أن تنهي لجنة الداخلية و اللامركزية و البنيات الأساسية بمجلس النواب مناقشة القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب أمس الأربعاء بعد ثلاثة أيام متوالية من النقاش العميق و المسؤول لمقتضيات المشروع حتى تتمكن الفرق النيابية و المجموعات النيابية من تقديم تعديلاتها حول المشروع قبل التصويت عليه. وقد شكلت هذه المناقشة مناسبة لفتح حوار جاد بين أعضاء مجلس النواب والحكومة في شخص وزير الداخلية ليس فقط فيما يتعلق بمقتضيات المشروع بل في مختلف الجوانب المرتبطة بمسلسل الانتخابات باعتبار أن هذا المشروع يشكل التنزيل الحقيقي لأحكام الدستور فيما يخص المسار الديمقراطي بالبلاد و محطة تاريخية في إنجاح المسلسل الانتخابي و أداة ناجعة لضمان نزاهة الانتخابات ومصداقية المؤسسات المنتخبة، يشكل الإطار القانوني الكفيل بإفراز أغلبية نيابية منسجمة تنبثق عنها حكومة متجانسة قوية، يشكل دعامة أساسية لتخليق الحياة السياسية و عقلنة المشهد السياسي و ترسيخ دولة القانون و المؤسسات و إعطاء الممارسة الديمقراطية مدلولها الحقيقي من خلال تقطيع إنتخابي يستجيب لمتطلبات التمثيل الديمقراطي، من خلال عتبة تضمن مكافحة البلقنة السياسية، من خلال نمط اقتراع يعطي للبرنامج الانتخابي دوره الأساسي في اختيار المنتخبين و يضمن إفراز نخبة برلمانية قادرة على أن تكون في مستوى الصلاحيات الجديدة التي خولها الدستور الجديد لمجلس النواب على مستوى التشريع مراقبة العمل الحكومي و الرفع من مستوى الأداء البرلماني و تحسين العمل النيابي، من خلال تخليق الحملة الانتخابية حتى تكون مناسبة لاستعراض البرامج الانتخابية بذل من أن تظل سوق عكاظ لسماسرة الانتخابات لشراء الذمم و التلاعب بإرادة الناخبين، من خلال إيجاد الآليات القانونية و الإدارية لمحاربة استعمال المال و استغلال النفوذ و التأثير على المواطنين . و في هذا السياق انصبت مناقشة مشروع القانون بالأساس على عدد أعضاء مجلس النواب الذي ارتفع من 325 إلى 395 و المعايير المعتمدة في هذه الزيادة المقترحة لضمان نجاعة العمل البرلماني على مستوى الحضور و الأداء النيابي، بالإضافة إلى اللائحة الوطنية التي رأى فيها المتدخلون قيمة مضافة لتعزيز النخبة البرلمانية على المستوى التمثيلي الجهوي، سواء تعلق الأمر بالنساء أو الشباب. كما تركزت المناقشة أيضا حول مسألة التقطيع الانتخابي الذي شكل على الدوام منذ أول انتخابات تشريعية عرفتها البرد سنة 1963 أداة لتزوير الانتخابات وصنع الخرائط السياسية ، حيث أجمع المتدخلون على ضرورة التعجيل بإخراج التقسيم الانتخابي إلى حيز الوجود حتى ينطلق المسلسل الانتخابي على أسس سليمة وتمكين الأحزاب السياسية من القيام بمهمتها الانتخابية خاصة فيما يتعلق بمنح التزكيات . و في هذا الصدد اعتبر السيد وزير الداخلية أن 67 عمالة أو إقليما تم تحديدها كدوائر انتخابية طبقا للمادة 2 من مشروع القانون السالف الذكر بينما بقيت 15 عمالة أو إقليم إستثناء بمقتضى الفقرة الثالثة من نفس المادة . و أكد السيد الوزير بخصوص هذا الموضوع أن مرسوم التقطيع الانتخابي سيتم بالتشاور و التوافق مع مختلف الأحزاب السياسية حتى يشكل دعامة أساسية لنزاهة الانتخابات. و تمحورت المناقشة كذلك حول أهلية الناخبين حيث أجمعت التدخلات على ضرورة حماية الانتداب الانتخابي من المفسدين بمن فيهم المتملصون من أداء الديون العمومية بما فيها التهرب الضريبي و كذا المتابعون في قضايا الفساد إلى جانب ضرورة اعتماد مستوى دراسي لا يقل عن شهادة الباكالوريا حتى يتمكن أعضاء البرلمان من القيام بمهام دستورية على مستوى التشريع والمراقبة رغم ما يطرحه هذا الموضوع من صعوبات تتجلى أساسا في مدى مطابقته للدستور ما دام المغاربة سواسية أمام القانون و لهم الحق في التصويت و في الترشيح للانتخابات شرط بلوغ سن الرشد القانونية و التمتع بالحقوق المدنية و السياسية كما ينص على ذلك الفصل 30 من الدستور .