من هذا المكان و من هذا اليوم، ابتدأ عصر جديد من تاريخ العالم . هذا ما خطه المراقب الألماني غانغ فون غوته ، و هو يشهد بأم عينيه انتصار الثورة الفرنسية و نهاية الحكم الملكي بإعلان الجمهورية . ففي 14 يوليوز 1789 اقتحمت الجماهير الفرنسية الغاضبة من إسراف الملك و حاشيته و متأثرة بانتصار الثورة في أمريكا قلعة الباستيل في باريس . و سرعان ما سرت نار الثورة ، و أصدرت وثيقة بعنوان : إعلان حقوق الإنسان و المواطن ، التي نادت بإنهاء الملكية و إعلان تشكيل حكومة دستورية . و رغم المحاولات الفاشلة التي قام بها الملك لويس السادس عشر للقضاء على الثورة عبر حشد النبلاء الفرنسيين و كبار الضباط العسكريين و وئدها في المهد ، إلا أن الثوار تمكنوا من إلقاء القبض عليه و أعادوه إلى باريس ، حيث أعادوا تنصيبه لفترة مؤقتة على رأس الحكومة الدستورية الجديدة في صيف 1791 . وفي نفس الوقت ،حاول النبلاء الفرنسيون الذين فروا من البلاد طلب الدعم من الممالك المجاورة لإعادة لويس إلى عرشه ، و لإدراكهم المخاطر التي تتهدد سلطتهم إذا ما نجح الثوار، اتفق ملكا النمسا و بروسيا على سحق التمرد ، و في الوقت الذي أعلن فيه هذين البلدين الجرب على فرنسا في ربيع 1792 ، اتفقت مملكة إسبانيا و السويد و روسيا على تقديم الدعم المالي للعملية. لقد اعتقد الملوك المتحالفون أن مهمتهم في إنهاء ما اعتبروه مجرد تمرد سوف تكون سهلة بإعادة لويس إلى عرشه، و زاد من ثقتهم في النجاح في مهمتهم تلك ، أنهم كانوا أصحاب خبرة قتالية ، و خاصة البروسيين بعد حرب السنوات السبع و يملكون حينها أفضل الجيوش في العالم . و رغم نقاط ضعفه الواضحة، كان الجيش الفرنسي الذي يؤيد بمعظمه الثوار المتمردين يتمتع بعدة مزايا ، فقد كانت قيادته تضم ضباطا و جنودا أكفاء ، و فوق هذا كانوا يمتلكون أفضل مدفعية متطورة في أوربا آنذاك ، حيث انضمت طواقمها للثورة ، ناهيك على عامل حاسم و هو عشق الفرنسيين للحرية و للأمل الجديد الذي بثته فيهم الأفكار الثورية فأصبحوا مستعدين للقتال في سبيلها ، و بدلا من الجيش المؤلف من المحترفين و المرتزقة الذين يقاتلون من أجل المال ، أصبح للثوار الفرنسيين قوة كبيرة مؤلفة من الجنود الوطنيين الذين يقاتلون من أجل الوطنية و الحرية . و بغض النظر عن هذه المثل ، فقد كان على الثوار تعلم الكثير قبل أن يتمكنوا من دحر النمساويين و البروسيين أصحاب الخبرة العسكرية الكبيرة ، ففي المعارك التي دارت رحاها على امتداد الحدود مع نذرلاند النمساوية – بلجيكا حاليا - ، تقهقر الفرنسيون دون مقاومة . و قام جيش الحلفاء الذي كان يقوده الفيلد مارشال البروسي كارل ولهلم فرديناند بتعقب جيش الثوار داخل فرنسا و استولى على مدينة لنغفي في 27 غشت و بعدها بأسبوع استولى على مدينة فردون . واصل جيش الحلفاء تقدمه عبر غابة أرغون حتى اقترب من قرية فالمي الواقعة على بعد مائة ميل شرق باريس، حيث قرر الجنرال الفرنسي فرانكو كلرمان إقامة دفاعاته . و عندما التقى الجيشان في 20 شتنبر كانا متساويين إلى حد ما عتادا و عددا ، فقد كان لدى الحلفاء 34 ألف رجل و 45 مدفعا ، بينما بلغ جيش الثوار 46 ألف جندي تساندهم 40 قطعة مدفعية . اقترب الحلفاء كثيرا من الدفاعات الفرنسية قبل أن يطلقوا نيران مدافعهم ، و كانوا يتصورون أن الثوار الفرنسيين قليلي الخبرة و سيفرون على أعقابهم بمجرد إطلاق نيران المدفعية ، إلا أنهم ردوا على القصف بإطلاق قذائف من مدافعهم . حاول الحلفاء التقدم عبر مشاتهم، إلا أن المساحة الواسعة المفتوحة بين الجيشين أصبحت ميدان قتل للجنود بواسطة قذائف المدفعية ، ما اضطر المارشال البروسي إلى سحب مشاته قبل أن تلحقهم خسائر أخرى كبيرة . لم ينهزم الفرنسيون بل احتلوا مواقع دفاعية مهمة تساندهم نيران مدفعية دقيقة التصويب ، و كما يقال أن حسن الرأي خير من شجاعة الشجعان ، رأى قائد قوات الحلفاء أن إعادة ملك أجنبي إلى عرشه لا تبرر خسارته لجيشه ، فانسحب البروسيون من ميدان المعركة و عادوا أدراجهم . لقد كان تأثير هذه المعركة كبيرا ، فقد أتبث الفرنسيون قدرتهم على الدفاع عن الثورة ، و بعد هذه المعركة بيوم واحد أعلنت الجمعية الوطنية المشكلة حديثا قيام الجمهورية الفرنسية ، و بعد أشهر، نفذت الحكومة علنا حكم الإعدام بالملك لويس السادس عشر . كانت لمعركة فالمي نتائج أكبر من مجرد إعلان الجمهورية ، فقد افتتحت عملية فالمي الدفاعية سلسلة من عمليات هجومية للجيش الفرنسي لم تتوقف ألا في معركة واترلو الشهيرة سنة 1815 ، و عندما أعلنت كورسيكا استقلالها عن الجمهورية بعد سنة من فالمي ، أعلن ضابط شاب كورسيكي يدعى نابليون ولاءه الدائم لفرنسا ، و سرعان ما استخدم مدفعيته و قدراته القيادية لتولي الزعامة العسكرية ثم زعامة فرنسا نفسها . كرونولوجيا الثورة الفرنسية 1786 20 غشت: أخبر كالون وزير المالية لويس أن الوضع المادي الملكي معسر. 29 دجنبر: تم استدعاء مجلس الوجهاء .1787 22 فبراير: أول مجلس وجهاء يلتقي على خلفية حالة من عدم الاستقرار المالي ومعارضة عامة من قبل طبقة النبلاء على فرض الضرائب والإصلاحات المالية. مارس: نشر كالون لمقترحاته وتعنت الوجهاء يؤدي إلى اشتباك العامة والوصول إلى طريق مسدود. 8 أبريل: يطرد لويس كلاً من كالون وحافظ الأختام، أو وزير العدل، ميرومسنيل، في محاولة للخروج من المأزق. 13 أبريل: يعين لويس لامويجنن كحافظ للأختام. 30 أبريل: عُين أسقف تولوز لوميني دي برين رئيساً للوزراء. 25 ماي: تم حل أول مجلس للوجهاء. يونيو: يرسل برين مراسيم للتشريعات الإصلاح الضريبي إلى البرلمان لتسجيلها. 2 يوليوز: يرفض برلمان فرنسا بأغلبية ساحقة التشريعات الملكية. 6 غشت: تمرر التشريعات في جلسة ليت دي جستيس في البرلمان ويقرر البرلمان أن تسجيلها غير قانوني. وتبدأ الإجراءات الجنائية ضد كالون بتأيد من الرأي العام. 15 غشت: يرفض لويس البرلمان الباريسي ويأمر أعضاء البرلمان أن ينتقلوا إلى تروا. 19 غشت: يأمر لويس بإغلاق جميع النوادي السياسية في باريس. شتنبر: الاضطرابات المدنية في الجمهورية الهولندية يؤدي إلى غزوها من قبل الجيش البروسي مما يزيد من حدة التوتر في باريس. يتراجع برين في مطالبه التشريعية، ويسمح لأعضاء البرلمان بالعودة إلى باريس. 19 نونبر: جلسة ملكية في برلمان باريس لتسجيل قروض جديدة تتحول إلى جلسة ليت دي جستس عندما لا يسمح لويس بقبول تصويت. 20 نونبر: معارضة دوق أوليون أدت إلى نفيه المؤقت، واعتقال وحبس اثنين من القضاة. 1788 6 ماي: صدور أمر بالقبض على اثنين من البارلمانيين الباريسيين الذين كانوا أكثر شراسة في معارضة الإصلاحات الحكومية وإعلان البرلمان تضامنه مع هذين القاضيين. 7 مايو: سجن القاضيان. 8 ماي: فرض لامويجنن إصلاحات قضائية تلغي جزئياً سلطة البرلمان في مراجعة التشريعات في البرلمان خلال جلسة ليت دي جستس تتزامن مع دورات عسكرية. 7 يونيو: يوم البلاط في غرونوبل - أوقف الجنود اجتماع كان البرلمان قد دعى إليه في تحد لأمر حكومي. يونيو: احتجاج على تبعات الإصلاحات المفروضة ورفض انعقاد المحاكم في شتى أنحاء فرنسا. 5 يوليو: برين فكر في استدعاء النبلاء وأعضاء الكنيسة والعامة لبحث الحلول. 8 غشت: يحدد برين الأول من مايو 1789 لعقد الاجتماع مرة أخرى في محاولة لاستعادة ثقة الدائنين بعد أن علم أن الخزانة الملكية فارغة. 16 غشت: توقف سداد القروض الحكومية وإعلان إفلاس الحكومة الفرنسية. 25 غشت: يستقيل براين ويحل محله جاك نيكر كوزير ماليه، ويعُين أسقف تولوز دي لوميني رئيساً للوزراء. شتنبر: يفرج نيكر عن أولئك الذي تم القبض عليهم بسبب نقد سياسة براين مما أدى إلى انتشار النشرات السياسية. 6 نونبر: يعقد نيكر مجلس الوجهاء مرة ثانية لمناقشة النبلاء ورجال الدين والعامة. 12 ديسمبر: تنتهي جلسة الوجهاء الثانية برفض قاطع لزيادة تمثيل طبقة العامة. 27 ديسمبر: يعلن نيكر مدفوعاً بالجدل العام زيادة تمثيل طبقة العامة. 1789 27 أبريل: أعمال شغب في باريس بسبب تدني الأجور ونقص الغذاء أدت إلى مقتل 25 شخص على أيدي القوات. 5 مايو: تم استدعاء ممثلي النبلاء ورجال الدين والعامة لأول مرة منذ عام 1614. 14 يوليو: سقوط سجن الباستيل.