-1عند الدقة العاشرة ، ذهابا، تتحسس أصابعه المدربة عمود الإشارات الضوئية، وتبدأ أصابع اليد الأخرى ، حينئذ، في مسد جرابه الكتاني المدلى من عنقه، بعد أن اطمأن إلى علب المناديل الورقية الهاجعة مثل قطط أليفة. عند الدقة العاشرة،إيابا، يصل سمعه أزيزمحركات ، بإيقاع منتظم، لايتغير. كان ذلك إيذانا باشتعال الضوء الأحمر.حينئذ ، يتوسط الرصيف ، ويبدأ في نقرالحجر الخامس بعكازته ذات المنقار النحاسي بحركات رتيبة. .. بسبسات ونداءات وصفير..والعلب تتلقفها الأيدي ، وهو ينتقل بين الأصوات المختلفة، إلى أن يرتفع أزيز المحركات بأصوات مزمجرة ، وأخرى متوعدة..كان ذلك إيذانا باشتعال الضوء الأخضر. حينذاك يتراجع إلى الوراء تتبعه نقرات رتيبة توقفت عند اعتلائه الرصيف. 2- تتقرى الأصابع الفنجان من الأسفل إلى الأعلى، ومن الأعلى إلى الأسفل. -...مليون مرة...وأنا أقول لك: قهوة نص نص...نص نص. أبعد الصوت الغاضب الفنجان بحركة عصبية ، جاء على إثرها الجرسون الذي التقط الفنجان، وشفتاه لاتكفان عن الحركة... امتدت الأصابع ،من جديد، إلى الفنجان العائد، وتوقفت ،برهة، عند المنتصف، وبدأ الإبهام في مسد ه بحركات رتيبة..اعتدل الجالس في جلسته، وردد بصوت خفيض: -... هذه هي نص نص..نص نص دون زيادة أو نقصان. 3- قال صاحب النظارة السوداء الدائرية: ..هذه الفتاة ترتدي فستانا أحمر. -.... الأحمر من فوق ، والأسود من أسفل.. قال الثاني ،صاحب النظارة السوداء ذات الإطار المذهب،بعد أن قسم الهواء بكفه بحركة أنيقة. - .. لاهذا ولاذاك..الدجين..وفوقه قميص حريري أصفر.. ارتفع صوت الثالث،ونظارته السوداء الأنيقة تتابع حركة الإبهام من اليسار إلى اليمين، ومن اليمين إلى اليسار. -... للأحمر حرارة لايعرفها إلا أهل العلم. -...هذه نسمة الأصفرالتي تأتيك هينة.. ودون عجل.. -.. أشم رائحة خبيز الفرن.. كانت جارتنا تحب اللون الأزرق... -.. هي أقرب إلى رائحة الشاي الذي استوى على نار هادئة..كانت جدتي تطوي منديلها المربع أربع طيات، بجانب الكؤوس وأدوات الشاي..كان لونه بنيا. 3-.. أراهنك بأنك قضيت ليلة باذخة... -...أنتم لاهم لكم إلا النميمة ..قليلا من الأدب. -.. هل معنى هذا أنني قليل الأدب؟ا -...لا... هذه أشياء خاصة.ا.. لكن .. كيف عرفت ذلك؟ -.. عندما جذبت الكرسي بحنان وكأنك... -... أكمل... لاتخجل.. -...وكأنك تراقص امرأة البارحة قبل قضاء الليلة المعلومة.. 4- هذه الطاولة لم تمسح منذ قرن... حك المتكلم الإبهام بالسبابة ، ولوى شفتيه دون أن يكف عن الهمهمة... هرول الجرسون نحو المتكلم ، ونشر منديلا فقد لونه " وبدأ في تدويره" قوق سطح الطاولة، وعيناه لاتفارقان الزبون الغاضب. - قهوة سوداء. انفلت الجرسون، محركا شفتيه بكلام صامت. - هذه ليست قهوة سوداء .ا. -....... - .. القهوة السوداءلايعرفها إلا أصحابها. -............... تراجع الزبون إلى الوراء، ومد قدميه، باسترخاء. أصلح من وضع نظارته السوداء، ثم رفع وجهه نحو الجرسون المتسمر في مكانه. - القهوة السوداء نوعان: سوداء تتعرق بين أصابعك ولو خرجت من ثلاجة... وأخرى لاوجود لها ولو خرجت من فرن الحداد..