خبراء يسلطون الضوء على وجاهة مخطط الحكم الذاتي بالصحراء المغربية        تقلبات أسعار المحروقات في المغرب .. البنزين يتراجع والغازوال يستقر    ‪أمن دبي يقبض على محتال برازيلي    الفلبين تأمر بإجلاء 250 ألف شخص    الركراكي: المنتخب الوطني قدم عرضا جيدا وهناك مجال للتطور أكثر    المغرب يرسل شاحنات إضافية لمساعدة إسبانيا في تخطي أضرار الفيضانات    حريق مهول يلتهم سوق "الجوطية" بالناظور ويخلف خسائر مادية جسيمة    المرتجي: التراث اللامادي بين المغرب وهولندا أفق جديد للتعاون الثقافي    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    تصفيات "كان" 2025... بعثة المنتخب المغربي تحط الرحال في وجدة استعدادا لمواجهة ليسوتو    اتهام فنزويلا بارتكاب "أفعال دنيئة" أمام البرازيل    وزارة الداخلية تكشف عن إجراءات حاسمة لإنهاء الفوضى بقطاع "التاكسيات"    أنفوغرافيك | أرقام مخيفة.. 69% من المغاربة يفكرون في تغيير وظائفهم    أنفوغرافيك | ⁨لأول مرة.. جامعة الحسن الثاني تدخل تصنيف "شنغهاي" الأكاديمي العالمي 2024⁩    مشروع نفق جبل طارق.. خطوة إسبانية جديدة نحو تجسيد الربط مع المغرب    ارتطام وأغدية متطايرة.. حالة من الرعب عاشها ركاب طائرة    منع جمع وتسويق "المحارة الصغيرة" بالناظور بسبب سموم بحرية    صانع المحتوى "بول جايك" يهزم أسطورة الملاكمة "مايك تايسون" في نزال أسطوري    السوق البريطاني يعزز الموسم السياحي لاكادير في عام 2024    "طاشرون" أوصى به قائد يفر بأموال المتضررين من زلزال الحوز    فيضانات فالنسيا.. المديرة العامة للوقاية المدنية الإسبانية تعرب عن امتنانها للملك محمد السادس    الوزيرة أشهبار تستقيل من الحكومة الهولندية والمعارضة تعتبره "موقفا شجاعا"    الملاكم مايك تايسون يخسر النزال أمام صانع المحتوى بول    كيوسك السبت | 800 مليار سنتيم سنويا خسائر الكوارث الطبيعية بالمغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت        فريق الجيش الملكي يبلغ المربع الذهبي لعصبة الأبطال الإفريقية للسيدات    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    الأمم المتحدة.. تعيين عمر هلال رئيسا مشاركا لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار    حملات تستهدف ظواهر سلبية بسطات    مغاربة يتضامنون مع فلسطين ويطالبون ترامب بوقف الغطرسة الإسرائيلية    "باحة الاستراحة".. برنامج كوميدي يجمع بين الضحك والتوعية    توافق وزارة العدل وجمعية المحامين    السكوري: الحكومة تخلق فرص الشغل    السكوري يبرز مجهودات الحكومة لخلق فرص الشغل بالعالم القروي ودعم المقاولات الصغرى    "طاقة المغرب" تحقق نتيجة صافية لحصة المجموعة ب 756 مليون درهم متم شتنبر    مقابلة مثالية للنجم ابراهيم دياز …    سانشيز يشكر المغرب على دعمه لجهود الإغاثة في فالنسيا    حماس "مستعدة" لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب "للضغط" على إسرائيل    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2025    وزيرة مغربية تستقيل من الحكومة الهولندية بسبب أحداث أمستردام    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    جائزة المغرب للشباب.. احتفاء بالإبداع والابتكار لبناء مستقبل مشرق (صور)    شراكة مؤسسة "المدى" ووزارة التربية    جورج عبد الله.. مقاتل من أجل فلسطين قضى أكثر من نصف عمره في السجن    خناتة بنونة.. ليست مجرد صورة على ملصق !    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج 'حوارات'    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرق معلم السباحة
نشر في العلم يوم 07 - 10 - 2010

كنا عشرين أستاذ فلسفة من جامعات عربية مختلفة مجتمعين بفندق في العاصمة المغربية نناقش قضية فلسفية شائكة (هل هناك قضية فلسفية غير شائكة؟): قضية المعقول واللامعقول.
وقد قدمت في اللقاء الفلسفي الهام ورقة ختمتها بالعبارة الساخرة التالية: وعلى أية حال، فاللامعقول الذي تعرفه خير من المعقول الذي لا تعرفه.
ويبدو أن الصيغة الشكية والمستفزة للعبارة أزعجت أستاذا مصريا يحب أن ينعت بأستاذ العقلانية العربية المعاصرة ، فاقترب مني أثناء استراحة الشاي ، و علق ساخرا: والجهل الذي تعرفه خير من الجهل الذي لا تعرفه.أليس كذلك يا أستاذ؟
تجاهلت، واكتفيت بهز الكتفين والقول: ربما!
و تحولت سخرية الأستاذ المصري العقلاني الخفية إلى جدية كاملة وقال:
- يعني ،يا أستاذ ، المعقول واللامعقول زي بعضه.
قلت متضاحكا: لا يا أستاذ، اللامعقول الذي تعرفه خير من المعقول الذي لا تعرفه.
وكنا في جوار المسبح الفارغ إلا من معلم السباحة المشغول بتعليم أطفال - من أولاد النزلاء- قواعد السباحة.
وطاب لي أن أمازح الأستاذ المصري وأخرجه قليلا من جديته الكاملة ، فسألته: هل تعرف يا أستاذ نكتة الفيلسوف الكبير والرجل الغلبان؟ وبدون أن أنتظر رده رحت أحكي: واحد فيلسوف كبير ركب قاربا يجدفه رجل غلبان.وخلال التجديف سأل الفيلسوف الكبير الرجل الغلبان:
- هل تعرف يا رجل ما هي الفلسفة؟
رد الرجل الغلبان صادقا: لا.
فنفخ الفيلسوف مزهوا ومتذمرا وقال: أنت يا صاحبي أضعت نصف عمرك.
وفجأة ضربت موجة كبيرة القارب فقلبته وسقط الاثنان-الفيلسوف الكبير والرجل الغلبان- في الماء.فسأل الرجل الغلبان الفيلسوف الكبير: هل تعرف يا أستاذ كيف تعوم ؟ قال: لا. فرد الرجل الغلبان: أنت يا أستاذ ضيعت عمرك كله!
وضحكت ضحكة صافية واكتفى الأستاذ المصري بالابتسام.
وكان معلم السباحة لا يزال في الجوار يعلم الأطفال قواعد السباحة.
وصفق أحد أعضاء لجنة التنظيم لكي نلتحق بالقاعة.
وكان العرض التالي عبارة عن تحليل لقولة هيجل الشهيرة: كل ما هو واقعي هو عقلاني وكل ما هو عقلاني هو واقعي.
وكان الأستاذ العارض - وهو مترجم لبناني مشهور لنصوص هيجل الصعبة- يتكلم في ثقة تامة عن العقل الموضوعي الذي يتخلل الواقع ويقود التاريخ...لما علت ، فجأة، أصوات صخب وهرج قوية قادمة من جهة المسبح.
وترددت عبارة: وقع معلم السباحة في المسبح وغرق!
و طنّت العبارة في أذني طنينا غريبا وأنا أهرول مع المهرولين: هل هذا أمر معقول؟ يغرق معلم السباحة!؟ معلم السباحة يغرق!؟
ووقفنا بجوار المسبح نشاهد عملية إخراج الجثة من الماء.وقال مدير الفندق محاولا بدون شك طمأنة الزبناء الحاضرين والمذهولين: زلق معلم السباحة وسقط وارتطم رأسه بالحافة ففقد الوعي وغرق (وتنهد) حادث مؤسف حقا.
وتبادلت والأستاذ المصري-العقلاني حتى النخاع- نظرات خاصة.
و بدا استئناف أشغال الندوة ? بعد حادث غرق معلم السباحة- ثقيلا وصعبا.فاقترح مدير الجلسة تأجيلها إلى المساء.
فلم يعترض أحد.
كان لا يزال في البرنامج عرض بعنوان:المعقول واللامعقول بين وحدانية الجوهر وتعددية الصورة.ولما جلسنا في البهو ننتظر ميقات الغذاء قال الأستاذ المصري ? أستاذ العقلانية الصارم- وهو جالس قبالتي:
- الظاهر أن اللامعقول ،يا أستاذ، ضرب ضربته التي فتت الجوهر وبعثرت الصورة.
كانت قولة تجريدية أحسست فورا بفراغ مبناها ومعناها...تماما مثل فراغ فكري .., و عقلي... في هذه اللحظة بالذات.
وفي المساء تغيبت عن الجلسة متعللا بصداع نصف رأسي- ولم أكن كاذبا: فبالفعل، كان رأسي مقسوما قسمين،قسم يحلق ويسبح في الفكر الفلسفي المجرد و اللامحدود ،وقسم زلق وسقط وارتطم بالحافة ففقد الوعي وغرق.غرق معلم السباحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.