في عصر يعرف فتوحات علمية كبيرة ، خاصة في مجال الطب الذي تتشعب تخصصاته، بات من الضروري أن تواكبه اجتهادات في الدين تجعل الناس يطمئنون إلى ولوجهم لهذا النوع من العلاج والأمر هنا يتعلق بالعقم وما يطرحه من مشاكل اجتماعية ونفسية ..وأمام ظهور ما يسمى التخصيب الاصطناعي وأطفال الأنابيب وابناك الحيوانات المنوية والبويضات وإمكانية اختيار الجنين ارتفعت أصوات تطالب بمعرفة ما يقوله الدين في هذه الإمكانيات العلمية التي فتحت باب الأمل مشرعا أمام العديد من الأسر، التي تعاني العقم او من ولادة جنس دون آخر خاصة بالنسبة للأمهات اللواتي لا يلدن الا البنات في مجتمعات شرقية تفضل ولادة الذكر على الأنثى وفي هذا الصدد أجاز المفتي العام السابق للقدس والديار الفلسطينية الشيخ عكرمة صبري اختيار جنس الجنين من خلال التحكم بالكروموسومات «من مكونات الحيوان المنوي الذكري» وقال في توضيح وتدعيم هذه الفتوى بالأدلة الشرعية أنه يجوز شرعا محاولة استخدام الكروموسومات للتحكم باختيار جنس الجنين ذكورة أو أنوثة، وذلك قياساً على طفل الأنابيب وعلى معالجة الرجل العقيم وقياساً أيضا على مداواة المريض بشكل عام الذي يتناول العقاقير والأدوية بهدف العلاج، مع التأكيد على أن الخلق والإنجاب والشفاء بيد الله وحده الذي قدر كل شيء، فهذه المحاولات لا تتعارض مع النصوص الشرعية ولا تعد تطاولاً على مشيئة الله رب العالمين أو إرادته وإنما من قبيل الأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله العزيز الحكيم في الوصول إلى النتائج، فلا وجد تناقض بين العلم والإيمان وذكر الشيخ عدد من آيات في القرآن الكريم التي تجيز ذلك، منها قوله تعالى في الآية رقم (80) من سورة الشعراء (وإذا مرضت فهو يشفين)، ويقول الله عز وجل في الآية رقم (34) من سورة لقمان (أن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي ارض تموت)، فالمراد من «يعلم ما في الأرحام» أن الله يعلم قبل خلق الجنين وأثناء تكوينه وما بعد ولادته، فان لفظ «ما» يفيد العموم والشمول، ويقول الله في الآيتين رقم (49/50) من سورة الشورى (لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكراناً وإناثا ويجعل من يشاء عقيماً، انه عليم قدير» .