في زمن الميوعة الغنائية التي عصفت بكل ما هو جميل وطربي في رمشة عين إلا من بعض الفلتات، وفي عهد الكليبات غير المقدرة لقيمة الفنان والمطربين ونحن نشاهد بأم أعيننا العراء وإظهار المفاتن والقسمات وانبطاح المغنيات على الأرض وهو يؤدين أغاني لا تعمر طويلا، نلاحظ للأسف أن الكثير من القنوات العربية تتسابق على هذا النوع من الغناء الهزيل غير المقنع بدعوى الإنفتاح والتجديد وإرضاء أذواق الشباب ولا نستثني هنا قناتينا الأولى والثانية التي إنساقت وراء هذا الهراء الغنائي وأنماطه وموجاته العاتية الدخيلة التي عصفت بكل ما هو جميل من خلال التهميش الذي طال الأغاني القوية الجميلة والطربية وبالتالي نسيان روادها وصانعيها الذين بنوا صرحها بما أبدعوا في زمن الفقر وقلة الموارد وشح المكافآت المالية. وكون أن الرداءة هي سيدة الموقف في الوقت الحالي كما يبدو ذلك للعيان في زمننا هذا، وكون أن أجيال حب الطرب الأصيل من أندلسي وغرناطي وملحون وأغاني طربية (عصرية) مغربية مازالوا أحياء يرزقون ويحنون في كل وقت وحين إلى الزمن الجميل وبعض فلتات من هذا الزمن، لم لا تفكر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في إحداث قناة خاصة بالطرب الجميل ولنا من الكفاءات الموسيقية من يضمن نجاحها وتهتم برامجها بكل ما هو طربي وجميل من الإبداعات المغربية من مختلف الأنواع الموسيقية الجادة والمؤثرة والمقبولة لدى الأذن المغربية وأذواق هذه الفئات العريضة من المغاربة الذين يشدهم الحنين حاليا لما استمتعوا به من طرب حقيقي في الماضي القريب. على أن هذه القناة يمكنها أن تكون من خلال جلسات فنية وأشرطة وثائقية وأخرى محدثة صلة وصل بين الأجيال السابقة من المبدعين وجيل الشباب الحالي الذي لا يعلم أي شيء عن أسماء الرواد الذين مازالت أغانيهم وإبداعاتهم قوية وفعالة ومحببة وكأنها أنتجت البارحة أو اليوم. قد يقول البعض ممن سيقرأون هذا الكلام بأنه مجرد متمنيات، ولأبعد الحدود عند المسؤولين بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لا يتعدى مقترحا قابلا للمناقشة أو الرفض. لكن والكل يعلم أن منهجية الشركة تتجه نحو توسيع باقتها بقنوات فضائية جديدة. فلم هذه القناة الخاصة بالأغاني والمطربين والمبدعين في مختلف أصناف الطرب المغربي الأصيل والجميل والمحبب لدى المغاربة والعديد من الدول العربية التي مازالت جماهيرها تجهل الكثير عن إبداعاتنا الغنائية وكبار فنانينا في مختلف الأنماط الغنائية، ولعل إحداث هذه القناة لن يكلف الشركة أكثر مما كلفته القناة الخاصة بالأفلام التي أصبح لها جمهورها داخل وخارج الوطن. هي إشارة كما أسلفت القول قابلة للمناقشة أو »التمياك« ولمهندسي الشركة الوطنية بزنقة لبريهي دائما ولا أقول أبداً واسع النظر.