خلصت دراسة حديثة لباحثين من أستراليا وكندا إلى أنه بات بالإمكان أخيرا استخدام الوسائط المعلوماتية وشبكات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت, لتقديم خدمات رعاية صحية لأصحاب بعض الأمراض، مثل داء السكري، وذلك من خلال الهواتف المحمولة وتصفح الإنترنت. ومن شأن هذا الأسلوب الجديد، الذي كشفت عنه دورية "المجلة الدولية للشبكات والمنظمات الافتراضية"، تقليل تكاليف الرعاية الصحية وتمكين كثيرين من مرضى ارتفاع ضغط الدم، والربو, من إدارة حالاتهم المرضية بفاعلية أكبر. وقد اقترح هذه الطريقة نيلميني ويكراماسنغ الباحث بتقنيات المعلومات والرعاية الصحية بجامعة آر إم آي تي الأسترالية وستيڤ غولدبرغ الباحث بمؤسسة "آيْنِت إنترناشيونال" في كندا. يعكف الباحثان على تطوير نظام لاسلكي لتمكين المرضى، بحيث يدعم قدرة المريض على إدارة حالات السكري والأمراض المزمنة الأخرى ذاتيا ويأمل الباحثان تحسين نوعية حياة كثير من المرضى، باعتماد هذا الأسلوب الجديد في الرعاية الصحية وبالتالي خفض مستوى وعدد التدخلات الطبية اللازمة للعناية بهم. وبذلك، تعتمد إدارة الأمراض المزمنة بفعالية على المتابعة المنتظمة، والتي تتيح للمرضى الفاهمين لحالاتهم المرضية أن يتحملوا مسؤولية العناية بأنفسهم. ويعكف الباحثان على تطوير نظام لاسلكي لتمكين المرضى، بحيث يدعم قدرة المريض على إدارة حالات السكري والأمراض المزمنة الأخرى ذاتيا. يقول الباحثان إن السكري مرض مزمن وخطير, ويزداد انتشاره ليس في أميركا الشمالية فقط، بل في العالم كله. ونظرا لجسامة تكاليف علاج هذه الشريحة السكانية المتزايدة، بجانب ساعات التعطل عن العمل المتزايدة بسبب ضرورات العلاج، تصبح الزيادات المتوقعة في نطاق انتشاره مقلقة لأي نظام للرعاية الصحية. وتعتبر نتائج المبادرات التكنولوجية بمجال الرعاية الصحية متباينة حتى الآن, ويعزو الباحثان ذلك إلى فشل تلك المبادرات في استيعاب ثراء وإمكانات بيئة الرعاية الصحية الحديثة، وليس لعيب جوهري في أساليب تكنولوجية المعلومات. وفي دراسة تجريبية ضمت عشرين مريضا، أظهر فريق مؤسسة آينت بقيادة شلدون سلڤر بالفعل إمكانية إرسال قراءات غلوكوز الدم لديهم باستخدام الهاتف المحمول وتلقوا استشارة طبية في وقت معقول من المسؤول عن رعايتهم صحيا. الخطوة التالية استغلال الجماعات المتصلة (معلوماتيا) بالإنترنت للاستفادة من السياقات والأدوات الإضافية المتاحة. فالشبكات الاجتماعية مثل "فيسبوك" و"لنكدين" تلعب دورا محوريا في نقل مستخدمي الإنترنت من العزلة إلى شبكة متصلة من الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل. وبذلك، يصبح الامتداد المنطقي الواضح لهذا النمط من الوسائط والأدوات الإلكترونية هو تطبيقه في مجال الرعاية الصحية. بل إن للأطباء في الولاياتالمتحدة منظومتهم الإلكترونية الخاصة بهم في صورة شبكة "سيرمو" Sermo. وقد وضع فريق التطوير نموذجا معلوماتيا من شأنه أن يسمح بقيام نظام شبكة اجتماعية على الإنترنت كأداة لإدارة رعاية المرضى صحيا. ونظرا لأن دولارا واحدا -من كل عشرة دولارات تنفق على الرعاية الصحية- يذهب للعناية بمرضى السكري ومضاعفاته، يمكن لهذا النظام المخصص لمتابعة المصابين بمرض السكري أن يخفض نفقات رعايتهم بشكل كبير، وأن يحسن نوعية حياتهم. ويظهر الباحثان، ويكراماسنغ وغولدبرغ، ثقة بهذا النموذج المقترح خاصة عند وضع أي تقنية حل معلوماتية موضع التنفيذ في أي من سياقات الرعاية الصحية. ولذلك، فهما يدعوان لإجراء مزيد من الأبحاث.