سيرة الحب كانت » بينلوب « تنتظر خليلها » عوليس « الممعن في الغياب ، و تمضي الأيام و الليالي في نسج رداء له ، فطال الانتظار و استطال ، راودها فرسان عساهم يحظون بقلبها ، لكن أصرت على الوفاء لعوليس ربيع قلبها ، فكانت تنكث في بهمة الليل ما تنسجه في واضحة النهار، و هكذا دواليك ... و لما تنهد تترجل حذو حافة النهر ، فتمشط جدائل شعرها و تسرح مسترجعة خمائل أحلامها ... سلسبيل الحنين... قال : عيناك شرفتان تنفذان إلى خمائل أحلامي. قالت : عيناك شراعان يمخران عباب بحاري. قال : حضنك الدفىء مرفأ خلاصي. قالت : اسكت يا صغيري الكبير ودعني أرهف السمع لخلجاتك العابرة لأقاصي أغواري. مالت برأسها المرهق على صدره الحاني وسارا كَمُسَرْنَمَيْنِ على شط البحر تتناغى فيه شطحات مد وجزر، ونشيش الماء المالح يغسل الوجهين ببهاء الانتشاء... حرارة... دلف إلى كشك الهاتف، لكي يهاتف حبيبته الغائبة في البلاد البعيدة هناك، دخلت بدورها إلى الكشك بغية مهاتفة حبيبها الذي تفصله عنها الضفة الأخرى بديار الغربة، ثم ما فتئ أن لفظته مقصورة الهاتف محتجا، وخرجت المرأة متأثرة قلقة لغياب حرارة الهاتف... تبادلا الحديث مليا عن هموم الحياة المتشعبة.. اقترح عليها استراحة في إحدى المقشدات، ريثما تعود حرارة الهاتف المفتقدة... فأخذهما الحديث أطوارا وأطوارا، صمت لحظة ناظرا إليها منجذبا نظرت إليه مستلطفة، سرى بينهما تيار لذيذ مبهج فَوَسَّعَ من ابتساماتهما.. أمسك بيدها وأمسكت بيده وسارا متخاصرين في الشارع الطويل...