يعرض هذه الأيام ببعض القاعات السينمائية ببلادنا الفيلم المصري «احكي يا شهرزاد» (137 دقيقة) من إنجاز المخرج المقتدر يسري نصر الله و تشخيص مجموعة من الممثلين و الممثلات المصريين من بينهم منى زكي ، محمود حميدة، سوسن بدر، حسن الرداد، و شاركت فيه أيضا الممثلة المغربية سناء عكرود. الفيلم اجتماعي نفسي و مأساوي، تتمحور كل أحداثه حول برنامج تلفزيوني يهتم بقضايا المرأة، تستضيف فيه منشطته (منى زكي) نماذج لنساء يحكين عن مختلف أنواع المشاكل و المعاناة مع أزواجهن. عنوان هذا الفيلم « احكي يا شهرزاد» يعني «احكي يا امرأة» و تقوم مقدمة البرنامج طيلة مدة الفيلم من خلال كلام ضيفاتها بحكي و استعراض مشاكلهن مع الرجال، و لكنها ستتحول اضطراريا في النهاية من حاكية لمشاكل الأخريات إلى حاكية عن نفسها و عن علاقتها المتوترة و مشاكلها هي أيضا مع زوجها. الفيلم متضامن مع المرأة و منتقد للكيفية الاحتقارية و الاستغلالية التي ينظر بها بعض الرجال إلى المرأة، و مندد بما ينتج عن ذلك من تصرفات عنيفة أو مشينة أو ابتزازية في علاقتهم معها قبل أو بعد الزواج. الرجل في هذا الفيلم هو من مختلف الأعمار و الطبقات الاجتماعية، و هو الظالم المذنب، هو الذئب الغدار، و الخائن و الانتهازي و الاستغلالي و المتحايل و الأناني و الوصولي، أما المرأة فهي الضحية المظلومة و الساذجة، و لكنها ليست ضعيفة أو مستسلمة للرجل، بل مقاومة و ثائرة و منتقمة بقوة أحيانا. المشاكل الاجتماعية المتناولة بين المرأة و الرجل في هذا الفيلم كلاسيكية و مستهلكة بنوعها إلى درجة يمكن التكهن مسبقا بما سيحدث من تطورات، و القصة بسيطة بمضمونها، و عادية بطريقة سردها الخطي الذي تتخلله لقطات «الفلاش باك» التفسيرية و الممططة أحيانا بالتوسع في تفاصيل بسيطة و مفهومة ،لا تتطلب تفسيرا مطولا. البناء الدرامي للأحداث يجعل المشاهد يتفاعل أحيانا بعواطفه مع بعض الأحداث ، و يتأمل بعمق في البعض الآخر منها. جودة الكاستين و كذلك التشخيص الجيد و المقنع لكل الممثلين و الممثلات القدماء و الجدد ، أعطيا لهذا العمل السينمائي حرارة ملموسة، وقد حقق هذا الفيلم نجاحا تجاريا و جماهيريا بمصر، كما خلق فيها ضجة حول بعض اللقطات الساخنة التي يتضمنها ، مصحوبة بنداءات تدعو إلى مقاطعته، و انتقادات موجهة للممثلة (منى زكي) لكونها تخلت عن ما يسمى بالسينما النظيفة، و هي نفس الانتقادات التي تعرضت لها الممثلة (سناء عكرود) في المغرب، بل هناك من اتهمها مسبقا بأنها قبلت أن تقوم ببعض اللقطات الساخنة مع الممثل محمود حميدة (زوجها في الفيلم) مقابل المشاركة و الظهور في هذا الفيلم المصري، و الحقيقة أن جل الممثلات المصريات المشاركات فيه، شخصن بعض اللقطات «الساخنة» التي دافع عنها أصحاب هذا الفيلم بأنها ليست لقطات بورنوغرافية ، بل هي لقطات عادية تدخل في إطار الموضوع و القصة و الأحداث و لا تهدف إلى تهييج المشاهد أو إغرائه أو إحراجه. بالرغم من هذا التبرير فإنه كان من الممكن حسب رأيي الاستغناء عن البعض من هذه اللقطات ، و أخص بالذكر اللقطة التي نشاهد فيها بنوع من التبرم « بقعة صغيرة لدم افتضاض البكارة» و التي لم تكن ضرورية بل ساذجة و متجاوزة و مستبلدة للمشاهدين كأنهم أغبياء و في حاجة لمشاهدة هذه البقعة الدموية الصغيرة كي يفهموا ما حصل، لم تكن هذه اللقطة ضرورية أيضا لأنها لا تذكي الجانب الدرامي و لا تضيف له شيئا، خصوصا وأن صاحبتها ليست طفلة أو مراهقة، بل دكتورة عاشقة و طبيبة أسنان محنكة. سبق لي أن اقترحت على أحد المخرجين المغاربة أن يحذف إحدى اللقطات الساخنة المجانية من فيلمه قبل تقديمه للجمهور لأنها لا تضيف للجانب الدرامي أي شيء و لا يؤثر حذفها سلبا على حبكة القصة ، و لكنه رفض ذلك رفضا باتا و أقسم بالله العظيم أن لا يحذفها مهما كانت العواقب، مضيفا بأنه لا ينجز أفلامه للأسرة أو العائلة بل ينجزها للأفراد. يستخلص من كل هذا أن بعض المخرجين السينمائيين (المنتجين) يتمتعون بكامل الحرية في توظيف، بدرجات مختلفة، بعض اللقطات «الساخنة» في أفلامهم و لو كانت مجانية ، و هم يتحملون بذلك كامل المسؤولية في هذا الاختيار ، و من باب المنطق يصح القول كذلك بأن المشاهد له كامل الحرية و يتحمل كامل المسؤولية في الذهاب وحيدا أو مع غيره لمشاهدتها أو مقاطعتها. تجدر الإشارة في الختام إلى أن الممثلة المغربية سناء عكرود شخصت دورها في هذا الفيلم بأداء جيد عموما ، بل كانت أكثر تميز من بعض زميلاتها المصريات، كما أن الدور الذي شخصته ليس ثانويا أو عابرا، بل لا يقل أهمية في مدته و نوعه عن باقي الأدوار الأخرى، ولكن تأسفت كثيرا لأنه بالرغم من كل هذا التميز لم يتم إدراج صورتها في ملصق الفيلم الذي يضم صور كل زملائها و زميلاتها ،و هو تصرف مجحف في حقها فعلا من طرف الإخوان و الأشقاء المصريين.