تناولت بعض الصحف الأميركية بالنقد والتحليل بعض أوجه التوتر الذي طرأ على العلاقات الأميركية الصينية، في ظل صفقة الأسلحة الأميركية إلى تايوان، واستقبال زعيم التبت في البيت الأبيض، والموقف الصيني الرافض فرض عقوبات على إيران. فقد تساءلت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» عن سبب تجاهل الولاياتالمتحدة للصين عبر القيام بإبرام بيع صفقة أسلحة مع تايوان غير آبهة بالنفوذ الصيني على المستوى العالمي. وأوضحت أن صفقة الأسلحة الأميركية ، التي تقدر بأكثر من ستة مليارات دولار، تشمل ستين مروحية حربية من طراز «بلاكهوك»، وصورايخ «باتريوت» مطورة ، وأنظمة سيطرة وإبلاغ معقدة ، وكاسحات ألغام ، وصواريخ طراز «هاربون» مضادة للسفن الحربية ، وغير ذلك من الأسلحة المتطورة. ويقول محللون إن صفقة الأسلحة الأميركية إلى تايوان، التي أعلن عنها البيت الأبيض ، يوم 29 يناير الماضي، تمثل أهمية سياسية أكثر منها عسكرية بالنسبة إلى العلاقة مع الصين. التوازن العسكري ويرى خبراء عسكريون أن صفقة الأسلحة ربما لا تؤثر كثيرا في التوازن العسكري بين جيش تايوان والجيش الشعبي الصيني، في ظل ما يملكه الأخير من أسلحة حديثة متطورة، حيث يميل الميزان لصالح الصين التي تنشر قرابة 1400 صاروخ بالستي متوسط المدى وصواريخ أخرى من نوع كروز باتجاه السواحل التايوانية. ولكن صفقة الأسلحة ، التي قام الرئيس الأميركي، باراك أوباما ، بشطب جزء منها يتمثل في مقاتلات« إف16»، وغواصات حربية ، تشكل رسالة سياسية هامة تبعث بها واشنطن إلى بكين التي تعتبر تايوان «جزءا لا يتجزأ من الأراضي الصينية»، مفادها أن الولاياتالمتحدة لا تراهن على مصالحها أمام كائن من يكون. من جانبها ، قالت صحيفة «بوسطن غلوب» الأميركية إن استقبال أوباما لزعيم التبت الروحي، الدلاي لاما ، يبعث أيضا برسالة من البيت الأبيض إلى بكين. ومضت إلى أنه ربما يمكن لأوباما أن يتعامل مع القادة الصينيين بما يتعلق بشؤون التجارة الخارجية ، وأسعار العملة ، وقضايا الانتشار النووي، فلا خيار آخر أمامه، مضيفة أنه لا ينبعي للرئيس الأميركي أن يهادن أو يتهاون مع الصينيين عندما يتعلق الأمر بقضايا حقوق الإنسان والحرية الدينية والوجود الثقافي الخاص بأهالي إقليم التبت. الدبلوماسية المرنة من جانبها ، أشارت مجلة «تايم »الأميركية إلى أن وزير الخارجية الصيني، يانغ جيتشي، لم يركز أثناء مشاركته في مؤتمر ميونيخ الأمني كثيرا على مشاكل بلاده المتعلقة بالإنترنت مع الولاياتالمتحدة، ولا على صفقة الأسلحة الأميركية إلى تايوان بقدر ما ركز على الملف الإيراني. وأوضحت« تايم»أن وزير الخارجية الصيني ركز على ضرورة تحلي الأسرة الدولية بالصبر إزاء النووي الإيراني، مشددا على إيجاد الحل المناسب للملف الإيراني عبر الحوار والجهود الدبلوماسية المرنة. وتساءلت« تايم »عن إمكانية الصبر في مقابل تصريحات الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد ، الأخيرة المتثملة في إعلانه عن أن طهران بدأت بتخصيب اليورانيوم إلى معدلات عالية بدعوى استخدامه وقودا في مفاعلات البلاد للأغراض السلمية. ومضت إلى أن الصين لا يمكنها الاستغناء عن النفط والغاز والمعادن الإيرانية الضرورية للنهضة الصينية على مدار السنين القادمة، موضحة أن بكين تستورد قرابة أربعمائة ألف برميل يوميا من النفط الإيراني أو ما يشكل 14% من الواردات النفطية الصينية. وحذرت« تايم »إزاء العزلة التي قد تجد بكين نفسها فيها، في ظل تغير الموقف الروسي إزاء إيران والمتمثل في عدم ممانعتها فرض عقوبات قاسية على طهران عقب إعلان الأخيرة عن تخصيبها اليورانيوم لمعدلات عالية ورفضها مبادلته لتخصيبه في الخارج.