تعاني المتاحف في أنحاء العالم من آثار الأزمة المالية التي لم توفر منطقة، وتلاقي حاليًا صعوبة في إبقاء أبوابها مفتوحة للجمهور. ويزداد وضع المتاحف تعقيدًا بسبب التوسعات التي أقدمت عليها قبل حدوث الأزمة وهبوط المردود من استثماراتها وتناقص التبرعات والمساهمات المالية من المؤسسات والشركات والأثرياء الذين تأثروا هم أيضًا بالأزمة. ولجأت متاحف عديدة مضطرة إلى التسريحات وتجميد الأجور وتقليل العروض والحد من اقتناء أعمال ومعروضات جديدة أو وقف الشراء بالكامل. بل إن متاحف مثل متحف الفن الفولكلوري الأميركي اعترف مؤخرًا بتوقفه عن سداد ما عليه من ديون. هذا الوضع أثار مخاوف من لجوء إدارات المتاحف إلى ما يُعد من المحرمات في عالم الفن، أي جمع موارد مالية تشغيلية ببيع عمل فني. وفي إشارة وصفت بأنها نذير شؤم تساءل مدراء متاحف محترمة في الولاياتالمتحدة عن صحة القاعدة القائلة أن المتحف لا يبيع عملاً فنيًّا إلا لشراء مزيد من الأعمال الفنية. ويعيد أنصار الالتزام بهذا التحريم إلى الأذهان الضجة التي أاثارتها جامعة برانديز في الولاياتالمتحدة العام الماضي عندما أعلنت نيتها في بيع أعمال فنية من متحفها واستقالة رئيس الجامعة يهودا راينهارز، على الرغم من تراجعها عن الفكرة. وعندما أقدم متحف الأكاديمية الوطنية الأميركية على بيع لوحتين لسداد فواتيره تعرض المتحف إلى عقوبات قاسية فرضتها عليه رابطة مدراء المتاحف الفنية. المأزق الذي يواجه المتاحف وعشاق الفن هو الخيار بين السماح لمتحف مأزوم بخرق المحرمات وبيع أعمال فنية لتمويل نشاطه أو غلق أبوابه بوجه الجمهور لأنه لم يعد قادرًا على الاستمرار. يقول بعضهم من دعاة كسر القاعدة إن غالبية المتاحف تملك أعمالاً ليس لديها مكان تعرضها فيه فتملأ بها الغرف الخلفية أو تحفظها في مخازن خارج مبنى المتحف. وإذا كان مسموحًا للمتاحف أن تبيع من مجموعاتها الفنية لشراء مزيد من الأعمال الفنية فلماذا لا تستطيع أن تبيع هذه الأعمال الفنية نفسها لحل مشكلاتها المالية؟ يرد أنصار تحريم البيع بأنه ما أن يُسمح ببيع الفن لتغطية تكاليف تشغيلية سيكون ذلك سابقة تشجع المتاحف على هذه الممارسة التجارية المقيتة بحيث إنها ستكون أول ما يفكر فيه المتحف المأزوم ماليا بدلاً من أن تكون الملاذ الأخير عندما تنعدم كل الخيارات الأخرى. وتلاحظ صحيفة نيويورك تايمز أن أنصار الفن محقون في تحفظهم على البيع، ولا سيما أنَّ من طبيعة البشر أن يجربوا الممنوع وإذا أفلتوا بتجربته دون عقاب، فإنَّ من المحتم أن يعيدوا الكرة. وتقترح الصحيفة الاحتكام إلى طرف محايد على أن يكون من أصحاب الخبرة والاختصاص في الفن والقانون وعمل المنظمات غير الربحية. ويتعين على المتحف الذي يريد بيع أعمال فنية لحل مشاكله المالية أن يفتح دفاتر حساباته المالية ليتأكد الخبير المختص من أن المتحف استنفد جميع القنوات المعقولة لجمع المال واتخذ كل الإجراءات المطلوبة لخفض النفقات. وسيكون على المتحف أن يفتح أيضًا سجلات مقتنياته ومخازنه ليقنع الخبير المحكِّم بأن رحيل الأعمال التي يعتزم المتحف بيعها لن يؤثر سلبًا على المجموعة الفنية ولن يخل بالاتفاقيات المعقودة مع الجهات المانحة. وتؤكد نيويورك تايمز أن مما له أهمية بالغة في أي موافقة تسمح للمتحف المأزوم ببيع عمل فني أن يعرضه على متاحف أخرى أولا. وإذا لم يجد متحفا يرغب في الشراء يُباع العمل الفني بالمزاد العلني وسيكون بمقدور أي متحف أن يضاهي أعلى سعر يحققه العمل المعروض للبيع وتُعطى له الأولوية في الشراء بشرط أن يتعهد بإبقاء العمل ضمن مجموعة متاحة للجمهور.