إذا كانت الدولة ملزمة بتكوين رياضة التميز والمستوى العالي والتكوين فإن التنمية الرياضية يجب أن تقوم بها الجهات اعتبر محمد بلماحي، رئيس الجامعة الملكية المغربية للدراجات، أن المملكة المغربية عملت على إرساء مقومات تحقيق التنمية بجميع أبعادها سيما تلك المرتبطة بالارتقاء بالإنسان المغربي، وبتأهيل العنصر البشري، و بناء مجتمع متضامن ومتوازن. وأضاف أن الدولة المغربية في مرجعيتها الفكرية وقوانينها تدعو إلى تحرير الفرد وتحرير المبادرة وإعطاء الفرص لبناء الاستحقاق وترسيخ البعد التربوي كمكون أساسي للشخصية المغربية جاعلة الإنسان هدفا وغاية. وبخصوص الملتقى الوطني حول الجهوية المتقدمة، يرى بلماحي أن المملكة اعتمدت مضامين المفهوم الملكي الشامل ومن ضمنه الورش الرياضي والذي يتجلى في المساهمة في بناء مجتمع ديمقراطي وحداثي، شكل أحد المشاريع المجتمعية الكبرى والتي اهتم بها قولا وفعلا جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش. وتشكل الرياضة، حسب بلماحي، رافعة للتنمية البشرية وحقا من الحقوق الأساسية للمواطنين والمواطنات ووسيلة للاندماج والتلاحم الاجتماعي، وتقوية الشعور والافتخار بالوطنية والمواطنة، لما لها من تأثير إيجابي على الفرد والمجتمع، وعاملا أساسيا في الصحة العمومية، شكلت إحدى ركائز الإستراتيجية الملكية. وما اختيار ستة (6) جهات من المملكة المغربية من اصل 12 الجهات المغربية ، لاحتضان مباريات نهائيات كآس العالم 2030 ، الا اعتراف دولي بالدور الاساسي الذي تقوم به الجماعات الترابية في ميدان التنمية المستدامة. وواصل بلماحي قائلا أن الأمر الذي تم تأكيده في عدة مناسبات وبالخصوص المناظرة الوطنية الأولى حول الرياضة "24 و25 أكتوبر 2008 الصخيرات"، والتي تميزت بتلاوة الرسالة الملكية السامية المتضمنة لتوجيهات واضحة ودقيقة للنهوض بقطاع الرياضة ببلدنا، مذكرة بغياب التنسيق بين السياسات العمومية، التي أفرزت ستة أوراش تشكل مخططا وطنيا رياضيا وهي : الحكامة، التجهيزات الرياضية، التمويل الرياضي، الطب الرياضي، النهوض بالرياضة، التكوين الرياضي. ومن متطلبات الجهوية المتقدمة في المجال الرياضي، قال بلماحي : تعززت مكانة الرياضة أكثر في دستور سنة 2011، حيث أصبحت حقا دستوريا لجميع المواطنين والمواطنات، وعلى إثره جاء القانون التنظيمي رقم 13-114 المتعلق بالجماعات الترابية الذي خص حيزا هاما لقطاع الرياضة من خلال التنصيص عبر المادة 87 منه على إحداث المركبات والملاعب الرياضية والقاعات المغطاة والمسابح العمومية فضلا عن تخصيص دعم مالي سنوي وتحفيزات عينية للفرق والأندية والجمعيات الرياضية. وأبرز بلماحي، أن دستور المملكة لسنة 2011 جاء ليكرس دور الرياضة كحق من أسمى حقوق الإنسان في فصوله 26 و31 و33 وكما جاء في القانون 111-14 المتعلق بالجهة ولاسيما الفصل 91 منه الذي منح الاختصاصات المشتركة ومن ضمنها الرياضة. وذكر بلماحي أنه إذا كانت الدولة ملزمة بتكوين رياضة التميز والمستوى العالي والتكوين، فإن التنمية الرياضية يجب أن تقوم بها الجهات. وأضاف في هذا الصدد، أنه لابد من الإشادة بانخراط الجهات الاثني عشر (12) في بلورة الورش الرياضي، وعلى رأسهم جهات طنجةتطوانالحسيمة والدارالبيضاء-سطات وفاس-مكناس وسوس-ماسة... الذين نظموا لقاءات جهوية تخص الرياضة صدرت عنها مجموعة من التوصيات الواجب تفعيلها، مشيرا إلى أن الجهات أصبحت مدعوة للتفاعل مع القانون 30.09 وإدماجه في التشريعات المنظمة للجماعات الترابية ومدونة التعمير لإضفاء الطابع الإلزامي للنهوض بالقطاع الرياضي طبقا للتوجيهات الملكية الواردة في الرسالة الملكية حول الرياضة (24 و25 أكتوبر 2008 الصخيرات)، ومعلوم أن الجهات أناط بها المشرع مهام كثيرة منها تحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيتها الاقتصادية. والرياضة، حسب بلماحي، كرافعة للتنمية وورش اقتصادي كبير ، يمكن لها أن تساهم في تحسين التنافسية والجاذبية للجهة بإعتبارها كما هو منصوص عليه في القانون تعمل على بلورة المخططات الجهوية للتنمية وعلى إعداد التصاميم الجهوية لدى التراب الوطني. وأضاف بلماحي أنه واعتبارا للدور الاجتماعي والاقتصادي للرياضة والتي تدخل في إطار الصالح العام وكون تنميتها تشكل مهمة من مهام المرفق العام، كما نصت على ذلك مقتضيات القانون 30.09، لا بد أن تجد مكانها ضمن هذه المخططات، لاسيما وأن الفصل 34 من قانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة يعطي للعصب الجهوية مكانة خاصة. وأضاف أن تنظيم هذا الملتقى يأتي استجابة لمجموعة من التطورات والمستجدات التي ميزت الساحة الرياضية المحلية والدولية في الآونة الأخيرة أبرزها النتائج المحققة من طرف الفريق الوطني المغربي لكرة القدم وبعض الفرق والجمعيات والأندية الرياضية وطنيا ودوليا. وأشار إلى أن الرياضة الوطنية عرفت في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا وانخراطا قويا لوزارة التكوين والتعليم الأولي والرياضة واللجنة الوطنية الأولمبية المغربية وكذلك الجامعات الملكية المغربية والأندية الوطنية، الشئء الذي يجعل هذا الورش من الأولويات الواجب توفرها على إستراتيجية واضحة وسياسة وطنية مصادق عليها من طرف البرلمان، على غرار باقي القطاعات الأخرى. لافتا إلى أن الجامعات الرياضية والجمعيات المتعددة الفروع تنظر إلى الرياضة كدعامة للتنشئة الاجتماعية والتربية وتطوير القدرات الشخصية وهي وظائف حقيقية للأنشطة الرياضية، وجب على الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو القانون الخاص القيام بها، لاسيما وأن الأبعاد الاقتصادية والتربوية والاجتماعية هي الأكثر مدعاة للتساؤل. ويرى بلماحي أن الملتقى الوطني حول الجهوية المتقدمة سيقف لا محالة عند مكامن تقوية الرياضة على المستوى الجهوي وجعلها تحظى بمكانتها الطبيعية وأن تتبلور في شكل مخطط جهوي يمكّن من تحقيق الرفاه ووسيلة لمواكبة الاوراش الكبرى المفتوحة ببلادنا فضلا على كونها تساهم في جاذبية المدن والقري وكذا التعريف بغناها الثقافي والحضاري وتعطي الفرجة الكبيرة الشيء الذي يوكد على كون المغرب هو بلد رياضي بامتياز.