اختفت جميع مظاهر وأشكال وأساليب التضامن مع المثليين ودعاة الزواج المختلط في جميع المباريات التي جرت لحد الآن في نهائيات كأس الاتحاد الأوروبي في ألمانيا. وهكذا لم تبادر شخصيات أوروبية رسمية إلى إخفاء الشارة أو القميص الحامل للألوان المعلومة والكشف عنهما داخل الملاعب، ولم يقدم لاعبو منتخب ألمانيا ولا غيرهم على إغلاق أفواههم بدعوة الاحتجاج ضد قمع حرية التعبير في قضايا ترتبط بالقيم. ولا داعي للتساؤل حول سبب غياب مثل هذه المظاهر في التظاهرة القارية الجارية أطوارها ببلاد هتلر، ببساطة لأن هذه التظاهرة لا تنظم في بلد عربي أو مسلم، بل تنظم في بلد حيث توجد ضرورة لاستغلال الفرصة لتصفية حسابات سياسية و أخرى قيمية لها علاقة بالدين والعرق والجغرافيا. والوضع مختلف عما كان عليه الحال في قطر بمناسبة استضافة هذا البلد العربي والإسلامي لنهائيات كأس العالم لكرة القدم التي جرت قبل سنة ونصف من اليوم، حيث تجندت أوساط معينة لممارسة جميع أشكال الضغط و الابتزاز بهدف استغلال مناسبة رياضية و تحويلها إلى فرصة لمواجهات قيمية و ثقافية خطيرة، لم يجد كثيرون ممن يحسبون على الرياضة أي حرج للانخراط في حرب لم تخل من قذارة. وبالمناسبة، لا بأس للمقارنة اليوم بين استضافة قطر الصغيرة لأكبر تظاهرة كروية عالمية المتمثلة في كأس العالم، وبين استضافة ألمانيا لتظاهرة قارية فقط، حيث سادت مظاهر تخلف حقيقية تجلت في استعمال المساحات اليدوية والخشبية في محاولة تجفيف ملعب من مياه الأمطار التي غمرته، وفي المواجهات العنيفة بين الجماهير بسبب الخمور والمخدرات، ووجود أفراد من الجماهير و هي نائمة في الملعب في حالة ثمالة. واتضح للقاصي والداني أن قطر الدولة العربية المسلمة الصغيرة تفوقت على ألمانيا في استضافة و تنظيم التظاهرات الرياضية. لذلك سيكون من المفيد اليوم بالنسبة للمنتخب الألماني أن يضع لاعبوه أياديهم على أفواههم، ليس لأنهم منعوا هذه المرة من التعبير عن آرائهم، بل لأنهم لم يتلقوا أوامر لا تمت بصلة للرياضة.