يعتبر التلفزيون - في وقتنا الحاضر - من أكثر الوسائل وصولاً إلى الجماهير وأيسرها.. ولم يعد وسيلة تسلية وأداة متعة وتمضية وقت بل أصبح ينظر إليه كوسيلة تثقيف وتوجيه وتربية وتعليم. فالتلفزيون أداة من الأدوات الإعلامية الجماهيرية الهامة التي تساهم في عملية التربية والتعليم. وقد أثبتت التجربة أن التلفزيون - كوسيلة تعليمية - لن يكون أبداً منافساً للمعلم والكتاب إنما هو رافد ومساعد لهما في الوصول إلى غايات وأهداف التربية، وأصبح المعلمون يقدّرونه حق قدره بعد أن تبينوا مدى الفائدة من استعماله في التعليم وبعد أن تطورت طرق استعماله، وثبت أيضاً أن العنصر الإنساني هو الأساس في العملية مهما أدخل العلم من آلات في هذا المجال.. وهكذا أخذت العديد من دول العالم تستخدم التلفزيون في البرامج التعليمية، فخصّصت عدّة ساعات من البث التلفزيوني لتقديم برامج تعليمية لكافة مراحل التعليم وخاصة ماقبل الجامعي. وقبل الاستمرار في الحديث ينبغي التأكيد على أن التلفزيون ما هو إلا جهاز عرض وإن البرامج التعليمية التي يعرضها هي الوسائل التعليمية الحقيقية. وإن قيمة التلفزيون كوسيلة تتحدد بقيمة وفاعلية وكفاءة البرامج التي يعرضها، فإن صلحت البرامج صلح التلفزيون كوسيلة تعليمية وإلا قلّت قيمته أو تلاشت. ومن الواضح أن التلفزيون وسيلة تحظى بقدر كبير من الاهتمام، وذلك لأنه يمارس تأثيراً قوياً، ومتعدّد الجوانب في الأطفال، حيث يؤثر في عادات وسلوكهم وأمزجتهم وهواياتهم. كما يؤثر في علاقة الأطفال بأسرهم ومدارسهم وزملائهم، ويؤثر أيضاً في أفكارهم ومفاهيمهم وقيمهم وتصوراتهم ومعارفهم. وبفكرة طفولية بريئة يصدّق الأطفال كل ما يتحرك على شاشاتهم الصغيرة، ويندمجون اندماجاً كلياً ويذوبون فيه ذوباناً صافياً... والتلفزيون يختار لهم القصص الشيقة والممتعة والهادفة إلى توسيع مداركهم، ونقل الطبيعة وما يتحرك فيها إلى مخيلاتهم.. زيادة على البرامج الأخرى التي ترمي قبل كل شيء إلى إكساب الطفل تجارب جديدة بطرق تربوية حديثة مثلا.. فالأطفال يمضون قدراً كبيراً من أوقاتهم في مشاهدة التلفزيون، وعلى الرغم من صعوبة الوقت الذي يمضونه في ذلك فقد قدّر أن الطفل الذي يبلغ الثالثة من عمره يبلغ متوسط مشاهدته للتلفزيون (45) دقيقة في كل يوم من أيام الأسبوع، ويزداد هذا الرقم إلى ساعتين يومياً عند السنة الخامسة، وترتفع إلى معدل ثلاث ساعات يوميا بين الصفين الخامس والثامن. وتتجه البرامج المفضّلة عند الأطفال خلال سنوات ما قبل المدرسة إلى البرامج المتعلقة بالحيوانات وأفلام الكرتون أو العرائس، وتتسع اهتمامات الأطفال خلال السنوات الدراسية الأولى لتشتمل ليس فقط على المغامرات الموجهة نحو الطفل والقصة العلمية ولكن أيضاً إلى المواقف الكوميدية المتعلقة بالأسرة، وهكذا نعلم أن الأطفال يقضون وقتاً طويلاً في مشاهدة التلفزيون ويشاهدون بذلك تشكيلة مختلفة الأنواع من البرامج.