سلط مجموعة من الخبراء والمختصين الضوء على مرض "مارفان" والمعاناة التي يسببها للمصابين به في حياتهم اليومية، وذلك خلال اليوم الوطني الأول لمرض "مارفان"، الذي نظم من طرف جمعية إغاثة مرضى "مارفان"، أمس الأحد، بالمركز الثقافي أكدال بالرباط، تحت شعار "من أجل فهم أفضل لمرض مارفان". وشاركت في هذا اليوم التحسيسي والتواصلي ثلة من الأطباء من مختلف التخصصات والأكاديميين والإعلاميين وجمعيات من المجتمع المدني وعائلات عدد من المصابين بمتلازمة "مارفان"، التي تم تسليط الضوء عليها من مختلف الجوانب، ومعاناة المصابين بهذا المرض والإكراهات التي يواجهونها في حياتهم اليومية. وخلال هذا الملتقى، المنظم بشراكة مع الائتلاف المغربي للأمراض النادرة ومجلس مقاطعة أكدال الرياض والجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع، تم تقديم عروض من طرف رئيسة الجمعية السيدة فاطمة الزهراء بوسديك حول دواعي تأسيس الجمعية في يوليوز الماضي والأهداف المتوخاة والآفاق المستقبلة، والدكتور رضا بلحاج السلامي، طبيب أمراض القلب والشرايين، حول "أمراض القلب ومارفان" ، والدكتورة خديجة ميسر، رئيسة الائتلاف حول "إشكالية الأمراض النادرة بالمغرب" والإطار الوطني والخبير الرياضي الدولي محمد عزيز داودة حول "مارفان وممارسة الرياضة". ويستفاد من مداخلات الدكاترة المتخصصين أن أسباب متلازمة "مارفان" خلل جيني يمكن الجسم من انتاج نوع مختلف من البروتين "الفيبريلين 1"، يمنح الأنسجة الضامة بعض المرونة والقوة بسبب حدوث تشوه أو اضطراب. ويؤثر المرض على الغضاريف والأوتار والأربطة والعظام والأجهزة الرئوية والعينين وصمامات القلب وجزء كبير من الأوعية الدموية.
ويتمثل الخطر الرئيسي للإصابة به، في حدوث تمزق في الشريان الأبهر، الوعاء الرئيسي الذي ينقل الدم من القلب إلى بقية الجسم . وعلى مستوى العين، يسبب المرض انفصال الشبكة وخلع العدسة، علاوة على ذلك يمكن أن تكون أطراف المصاب أطول مثل الذراعين والساقين وأصابع اليدين والقدمين، كما تتجلى أعراض متلازمة مارفان في الطول والنحافة ووجود عظمة في الصدر تخلق انخفاضًا في الهيكل، وقصر النظر الشديد وانحناء العمود الفقري بشكل غير طبيعي. وأشار المتدخلون إلى ان تشخيص الإصابة بمتلازمة "مارفان" يمثل تحديًا أمام الأطباء؛ ذلك أن العديد من اضطرابات الأنسجة الضامة لها العلامات والأعراض نفسها، علما بأنه على الرغم من عدم وجود علاج ناجع لمرض "مارفان" فإنه يتم التركيز بالأساس على الوقاية من المضاعفات المختلفة لهذا المرض، ما يستدعي الخضوع للفحوصات بانتظام، ومع التطور الحديث في عالم الطب يتوقع أن يعيش جل المصابين بمتلازمة مارفان حياة طبيعية. وفي هذا السياق، أكد السيد محمد عزيز داودة أنه مهما تعددت أنواع الإصابات بهذا المرض غير المعدي فإن الممارسة الرياضة أصبحت حقا من الحقوق الأساسية للإنسان، حقا يكفله دستور المملكة، وهذا ما يتطلب توسيع نطاق ممارستها، لتشمل كافة شرائح المجتمع، ذكورا وإناثا على حد سواء، بما في ذلك شريحة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وأعاد السيد داودة إلى الأذهان بأن الأشخاص في وضعية إعاقة جسدية أو ذهنية بالمغرب، كانوا في ما مضى محرومين من حقهم في ممارسة الرياضة، لكن حينما أتيحت لهم الفرصة تألقوا بشكل ملفت وحققوا إنجازات مبهرة فأصبحوا أبطالا أولمبيين وعالميين. وذكر السيد داودة أن الرياضة تشكل عامل تحفيز ورفاه بدني ونفساني، وبالتالي لا يمكن للمصابين بمرض "مارفان" أن يقصوا أنفسهم من ممارسة الحركة البدنية والرياضة غير التنافسية مع مراعاة النصائح التي يسديها لهم أطباؤهم. وأوضح في هذا الصدد أنه رغم بعض القيود المفروضة على المرضى والقاضية بعدم ممارسة الرياضات التنافسية التي فيها احتكاك وأحيانا اصطدام بين اللاعبين فإن المريض يمكنه ممارسة عدة أنواع رياضية ومنها المشي "لتتغير حياتهم وتستمر، حياة ملؤها الأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل والقدرة على مواجهة كل الإكراهات ". ومن جهتها، اعتبرت السيدة فاطمة الزهراء بوسديك أن هذا الملتقى الأول من نوعه كان فرصة سانحة لتسليط الضوء على المرض وتوجيه نداء عاجل بشأن الحاجة الملحة إلى مراكز متخصصة لرعاية ملائمة وخاصة، أولا وقبل كل شيء، لتوفير تشخيص مبكر ودقيق للمرض". وذكرت بأن الجمعية تعتزم تشكيل خلية للإنصات للمصابين بمرض "مارفان"، خالصة إلى أنه "رغم عدم وجود علاج شافي للمرض حاليا، فقد تم إحراز تقدم كبير في هذا المجال وأملنا أن يتم إيلاء مزيد من الاهتمام والعناية بالمصابين بهذا المرض النادر". وقبل إسدال الستار على هذا الملتقى تم الاستماع لشهادات "مؤثرة لبعض المصابات بمرض "مارفان" وعائلات بعض الأطفال ومعاناتهم اليومية والمشاكل التي تعترضهم، ولاسيما غلاء بعض الأدوية والتي لا تعوض عنها شركات التأمين الخصوصية وصندوق الضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.