سيبقى الرابع من أكتوبر من سنة 2023 يوما مشهودا في تاريخ الرياضة الوطنية وكرة القدم على وجه الخصوص، فهو يوم أعلن فيه الاتحاد الدولي أن ملف المغرب وإسبانيا والبرتغال هو الملف الوحيد، الذي نال شرف تنظيم كأس العالم لسنة 2030، حيث أصدر الديوان الملكي بلاغا في الموضوع زف فيه الخبر للمغاربة، لا سيما وأن ترشح المغرب لكأس العالم، كان بقيادة جلالة الملك محمد السادس، وبذلك يدخل المغرب سجل الدول المحتضنة لأكبر عرس كروي. وإذا كان المغرب ثاني بلد إفريقي بعد جنوب إفريقيا سينظم نهائيات كأس العالم، وثاني بلد عربي بعد قطر سيحتضن هذه التظاهرة العالمية، فإنه كان أول بلد دخل غمار السباق مطالبا بأحقية إفريقيا في استقبالها لكأس العالم، وها هو الملف المغربي، الذي يمثل القارة الإفريقية يحظى بموافقة أكبر جهاز كروي عالمي، بلد ما فتئ يترك في كل مشاركة عالمية له بصمته، وفي حضوره الأخير بقطر خير دليل على ذلك، محطما بذلك سقف النتائج الإفريقية خلال مشاركتها العالمية. الملف الثلاثي المغربي، الإسباني والبرتغالي، له دلالات استثنائية وعميقة، فهو يجمع قارتين، ويربط شمال البحر المتوسط وجنوبه. كما أن الروابط التي تجمع المغرب بهذين البلدين هي متينة، ومتجذرة في التاريخ وأصبحت تزداد رسوخا باستحضار مصلحة الجميع، فهذه البلدان الثلاثة لها قواسم مشتركة طبيعية وجغرافية ومناخية، ينضاف إلى ذلك شغف شعوب هذه البلدان بكرة القدم، وهذا ما سيساهم في نجاح هذا التنظيم الثلاثي، حيث ستحتضن ملاعب الدول الثلاث مباريات كأس العالم في نسخته الرابعة والعشرون باستثناء ثلاث مباريات ستقام واحدة بالأورغواي مستضيف أول نسخة عالمية في سنة 1930 ، ثم مباراة واحدة للأرجنتين والأخرى للبارغواي. وكان المغرب قبل اختياره لتنظيم كأس العالم، قد حظي بإجماع المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي بمنحه احتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم لسنة 2025 بعد أن قدم ملفا استجاب فيه للشروط التي يضعها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من أجل الظفر بشرف احتضان أكبر عرس كروي إفريقي، وهو ما دفع منافسي المغرب إلى الانسحاب من حلبة السباق، أو التنافس على نسخة 2027، التي كانت من نصيب الملف الثلاثي لدولة كينيا وأوغندا وتانزانيا. نسخة 2025 ستكون هي الثانية من نوعها، الذي ينظمها المغرب منذ أول نسخة احتضنتها السودان في سنة 1957، التي اقتصرت على ثلاث دول هي السودان ومصر وأثيويبا. المغرب سبق له أن احتضن نسخة 1988، الذي عرف فوز الكاميرون بالكأس. وكان المغرب على موعد مع نسخة 2015 غير أن تفشي وباء "أبيولا" جعل المغرب يطلب تأجيله، لكن الرئيس السابق للكاف عيسى حياتو كان له رأي معاكس، وهو الذي خلال فترات ولايته المتعددة عاكس المغرب، وتضررت من قراراته الكرة الوطنية الشيء الكثير سواء من خلال مشاركات الفرق الوطنية أو المنتخبات الوطنية. اليوم الاتحاد الإفريقي ينصف المغرب بمنحه شرف التنظيم، وملفه بشهادة القاصي قبل الداني، كان قويا، وهو يقدم ستة ملاعب للمباريات الرسمية، و24 ملعبا للتداريب، ولا يقتصر الأمر على المنشئات الرياضية، فاحتضان مثل هذه التظاهرات لا بد فيها أن تكون هناك مرافق هي الأخرى ذات جودة عالية من قبيل الفنادق والطرقات والمستشفيات، علاوة على أهمية عنصري الأمن والاستقرار، التي ينعم بها المغرب، كل هذه العناصر دعمت ترشح المغرب إفريقيا ودوليا، وهذا نتيجة عمل رسم باحترافية ومهنية عالية، كان من نتيجته أن وضعت الأسرة الإفريقية والمحفل الدولي ثقتها في المغرب. على أي وبعد أن حسم المغرب عملية تنظيمه لكأس إفريقيا للأمم، التي ليست بالبعيدة عنا، فإن سبعة سنوات ، التي ستفصلنا عن احتضان نهائيات كأس العالم، هي فترة ستتضاعف فيها وتيرة الأشغال على أكثر من صعيد بمعية اسبانيا والبرتغال، لتكون القارة الإفريقية والأوروبية على تاريخ مشترك من شأنه تقوية تعاون القارتين، حيث لم يعد خافيا الدور الكبير، الذي تضطلع به كرة القدم في تقريب الشعوب، ونشر السلم والسلام في بلدان المعمور، وتحريك مجموعة من القطاعات، ولعل أبرزها الاقتصادية، التي من شأنها أن تعود بالنفع على أي مجتمع، والأكيد أن هناك استثمارات مالية ستضخ، وستكون لها آثار ايجابية على تطور البلدان الثلاثة. لا بد من اختتام هذا الحديث، بالترحاب بضيوف المغرب، وهو يستقبل الجماهير الإفريقية الشقيقة أولا، وجماهير كرة القدم العالمية سواء، تلك تأتي لمؤازرها منتخباتها، أو الشغوفة بمتابعة سحر كرة القدم.