أمام المأساة الإنسانية التي تجري فصولها أمامنا، منذ أيام، يستمر المغرب في التعبير بوضوح عن التزامه التاريخي بالثوابت التي يتأسس عليها موقف بلادنا من القضية الفلسطينية، بشكل ليس فيه تخاذل أو تردد، ولا خلط للملفات، ولا توظيف سياسوي للقضية الفلسطينية أو استرزاق بها لقضاء مصالح خاصة على حساب أهلها الصامدين. وقد شكلت كلمة السيد وزير الخارجية المغربي، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، بفضل ما حملته من وضوح المضمون، وصرامة في التذكير بالمبادئ القانونية الأساسية، وحكمة في إبداء الموقف الديبلوماسي، تأكيدا للموقف الرسمي الراسخ للمملكة المغربية الداعي إلى وقف العنف العسكري وتقتيل المدنيين العزل، والمطالب بتحقيق سلام عادل ودائم بالمنطقة على أساس قرارات الشرعية الدولية. ولاشك، مشرف جدا أن نرى تجدد التأكيد على الموقف الرسمي لبلادنا، من خلال رؤية متكاملة تشخص أسباب المأساة الحالية وجذورها السياسية، وتشدد على ضرورة وقف الظلم والمأساة الإنسانية و الإبقاء على استمرار الثقة في إمكانية الالتزام بالقيم المشتركة، ونبذ خطاب الكراهية والتعصب الاستئصالي الذي صار أكثر حضورا من خطاب السلام و الدعوة إلى التعايش. ولنا، أيضا، شرف التذكير بالرؤية السياسية الوحيدة الممكنة للخروج من الوضع الكارثي الحالي، قبل أن يتسع نطاقه ويمتد العنف العسكري ويتحول إلى حرب إقليمية قد يصعب على أي طرف أن يدعي تحقيق الانتصار فيها. و ترتكز تلك الرؤية على اختيارين اثنين لا ثالث لهما: - إما سلام عادل يحمي حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين... - أو استمرار منطق العنف والعداء، وتجدد عمليات القتل والدمار، من حين إلى آخر، وتعميق المآسي التي تحرم شعوب المنطقة من العيش في أمان. بالتأكيد، الظرف الحالي دقيق وخطير جدا، وعلى القوى الكبرى في العالم أن تتحمل مسؤوليتها وتنتبه إلى أن الجميع يقف أمام تحدي امتحان مفصلي واضح: - إما دعوة كل الأطراف إلى ضبط النفس، وفرض حماية المدنيين بمقتضى القانون الدولي الإنساني، ومعالجة أسباب العنف، وتعزيز الجهود لإطلاق ديناميكية تفاوضية ديبلوماسية على أسس جديدة فعالة، ودعم ثقافة السلام والتعايش، ومحاربة الفكر العنصري المتطرف والاستئصالي. - وإما استمرار حالة الغضب وتوسيع الرغبة في الانتقام والثأر، وترك الوضع يتدهور ويحمل مزيدا من القتل والتخريب والكراهية على نطاق واسع، قد يمتد معه الأثر إلى العالم أجمع بتبعات سلبية على الاقتصاد، وعلى السلام والتعايش في عدد من الدول.