أكد وزير الخارجية الإسباني مانويل ألباريس الإثنين المنصرم أمام مجلس الشيوخ الإسباني أن هدفه هو العمل بهدوء وجدية من أجل توطيد العلاقات المغربية الإسبانية، وجعل الاتفاقيات التي تمخضت عن خارطة الطريق بين البلدين غير قابلة للتراجع . جاء ذلك في معرض جواب له أمام اللجنة المكلفة بالتقارير حول الخطوط الكبرى للسياسة الخارجية الإسبانية بمجلس الشيوخ. وقد جاءت تصريحات السيد ألباريس كرد غير مباشر على الدعوات التي يروج لها زعيم الحزب الشعبي المعارض ألبيرتو نونييث فيوخو، والتي يدعي فيها أنه لا يعرف شيئا عن فحوى الالتزامات التي قدمها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز للمغرب ، زيادة على تأييده لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو الموقف الذي يدعي السيد فيوخو أنه يهم السياسة الخارجية لبلاده ، والتي هي سياسة دولة وليست سياسة حكومة ، وأنه كان على سانشيز التشاور مع الجميع بشأنها ، معارضة وأغلبية، قبل الإقدام على خطوته. وكان فيوخو قد هدد في عدة مناسبات بالتراجع عن الموقف الذي اتخذته حكومة سانشيز بشأن الصحراء المغربية. وقد أشارت عدد من وسائل الإعلام أخيرا أن استطلاعات الرأي التي نشرت الإثنين المنصرم قد أعطت للحزب الشعبي التفوق على الحزب الاشتراكي العمالي في التشريعيات القادمة، مما يعني أن الحزب اليميني سيعود إلى السلطة بعد خمس سنوات من الغياب. وفي ظل هذه المتغيرات ذكرت وسائل إعلام إسبانية أن السيد فيوخو قد أصدر تعليماته لمناضلي وأطر حزبه بتوخي الحذر عند الحديث عن أي مسألة تتعلق بالعلاقات بين المغرب وإسبانيا. وقال أحد أطر الحزب الشعبي الذي أكد تعليمات فيوخو أنه إذا أراد حزبه أن يقود دفة الحكم ، فعليه أن يحسن معاملة المغرب، مضيفا أن حزبه لا يريد، حسب زعمه تكرار أخطاء سانشيز، كما أنه يريد أن يبني مع المغرب علاقات دولة ، وأنه خلال هذه العلاقة لا يجب إهمال الجزائر. ويستشف من هذه التصريحات أن الحزب الشعبي يخفي استراتيجية مستقبلية في العلاقات مع المغرب، وبما أنه يتحدث عن التوازن بين المغرب والجزائر، فإن قضية الصحراء ستكون حاضرة في هذه الاستراتيجية، وإرضاء الجزائر لن يكون إلا ضد مصالح المغرب. لكن الخيارات صعبة لأن مصالح إسبانيا مع المغرب أقوى من مصالحها مع الجزائر باستثناء موضوع الغاز الذي يبدو أن حكومة سانشيز استطاعت تجاوزه. وللتذكير فإن الحزب الشعبي كان قد أجبر في ماي المنصرم الحزب الوطني الباسكي على مراجعة مقترح له للجنة التعاون الدولي التابعة للغرفة السفلى بالبرلمان الإسباني يتعلق بتقرير المصير في الصحراء. وكان وزير الخارجية الإسباني مانويل ألباريس قد اتهم منذ أيام زعيم الحزب الشعبي ألبيرتو نونييث فيوخو بالعمل على تقويض العلاقات مع المغرب وتسميمها، مضيفا أن الحزب الشعبي يتجه نحو منعطف معاد للمغرب في مواقفه السياسية، وأنه يريد الرجوع بهذه العلاقات إلى زمن التأزم الذي ساد إُثر أزمة جزيرة ليلى. وقال ألباريس إن الحزب الشعبي الذي يريد الحفاظ على علاقات دولة مع المغرب ،عليه أن يعرف ويتذكر ماذا قال زعيمه ألبيرتو نونييث فييوخو لرئيس الحكومة المغربية حول سبتة ومليلية المحتلتين، وعن طبيعة العلاقات التي يريدها لإسبانيا مع المغرب خلال لقائهما في 31 من ماي المنصرم بروتردام بهولندا . كما ألح على تذكيره بموقف نواب الحزب الشعبي عندما امتنعوا عن التصويت ضد قرار البرلمان الأوروبي، وأيضا ما قاله الزعيم السابق للحزب ماريانو راخوي سنة 2012 عن ضرورة استقرار المغرب. وقال ألباريس إنه في الدبلوماسية يجب الحفاظ على حسن العلاقات مع الدول المجاورة واتهم ألباريس الحزب الشعبي أنه بهذه العقلية يبين أنه غير قادر على الحكم. ويبدو من خلال هذا التراشق الكلامي المستمر أن موضوع العلاقات مع المغرب لا زال يشكل جدلا بين الأوساط السياسية الإسبانية سواء التي توجد على يسار الحزب الاشتراكي العمالي مثل حزب بوديموس والأحزاب المحلية، أو على يمينه خاصة الحزب الشعبي ، وحزب فوكس اليميني المتطرف. وقد تنامت انتقادات مجمل هذه الأحزاب لحكومة بلادها منذ الخطوة العاقلة التي أقدم عليها سانشيز لمقترح الحكم الذاتي المغربي على أقاليمه الجنوبية. ويتهم الحزب الشعبي غريمه الحاكم بالتساهل مع المغرب، خاصة فيما يتعلق بملف سبتة ومليلية المحتلتين، واتهامه للحزب الحاكم بالتفريط فيهما وعدم التنصيص عليها في الاتفاق الذي تمخض عن لقاء سانشيز بجلالة الملك في أبريل من السنة الماضية. ودعا الحزب الشعبي اليميني خلال الأزمة الأخيرة في العلاقات بين البلدين إلى تعامل أكثر عنفا مع المغرب، مذكرا بذلك التعامل الذي قامت به حكومة أثنار خلال أزمة جزيرة ليلى، والتي أوقفت البلدين على شفى المواجهة العسكرية.