الشروع في مسار حساس و مصيري لتشخيص أعطاب أنظمة التقاعد والبحث عن حلول مستدامة لها خطت الحكومة بمعية الشركاء أمس الأربعاء بالرباط أولى الخطوات في مسار اصلاح منظومة التقاعد بالمغرب التي شكلت أحد الأوراش الحساسة و ذات الأولوية ضمن تنفيذ مخرجات الاتفاق الاجتماعي والميثاق الوطني للحوار الاجتماعي. اللجنة المكلفة بإصلاح التقاعد، التأمت في أول لقاء لها بحضور الحكومة و ممثلي النقابات الأكثر تمثيلا و الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومدراء صناديق التقاعد. وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، التي ترأست الاجتماع أعلنت الشروع في تشخيص وضعية نظام التقاعد بالمغرب، في أفق الوصول إلى وضع مبادئ للإصلاح وأجندته. وقالت الوزيرة في تصريح صحفي، إنها ستعقد اجتماعات من أجل تقاسم التشخيص حول وضعية صناديق التقاعد في المغرب. الاجتماع الأول خلص إلى الاتفاق على منهجية عمل اللجنة والبرمجة الزمنية المحددة لأشغالها واللتين ستمكنان من بلورة الإطار العام للإصلاح وخارطة الطريق لتزيله وذلك قبل الجولة المقبلة للحوار الاجتماعي. ممثلة الحكومة شددت في كلمة لها بالمناسبة على أن إصلاح نظام التقاعد يمثل ورشا "استراتيجيا" يطمح إلى استكمال مسلسل طويل من الإصلاحات، مع وضع منظومة للتقاعد بقطبين، "عمومي" و"خاص"، بما يمكن من ضمان حقوق المنخرطين الحاليين والمستقبليين. وأشارت في هذا الصدد، إلى أن إحداث هذه اللجنة نابع من إرادة الحكومة والنقابات والجمعيات المهنية للمشغلين إطلاق إصلاح لأنظمة التقاعد في إطار حوار مفتوح وبناء بين مختلف الشركاء , مبرزة أن الهدف يكمن في وضع منظومة للتقاعد بقطبين "عمومي" و"خاص"، طبقا لتوصيات اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح نظام التقاعد لسنة 2013. وسجلت نادية علوي أن هذه اللجنة تمثل رافعة هامة لاستئناف الحوار حول هذا الورش الاستراتيجي ، كما تتيح الفرصة لتبادل الآراء مع الشركاء الاجتماعيين حول تطلعاتهم . وشارك في هذا الاجتماع ممثلو المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية (الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل) ومنظمات وجمعيات مهنية للمشغلين (الاتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية). كما حضر هذا الاجتماع ممثلو القطاعات الوزارية المعنية وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي والصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي . و كانت الحكومة وعلى ضوء مخرجات الاتفاق الاجتماعي والميثاق الوطني للحوار الاجتماعي اللذين وقعتهما، في 30 أبريل الماضي، مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، قد تعهدت بإطلاق حوار مفتوح مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين، من أجل تنزيل إصلاح شامل لأنظمة التقاعد بالمغرب. ويعتبر التوجه السائد حاليا في حال التوافق عليه داخل اللجنة هو وضع منظومة للتقاعد تضم قطبين فقط، عام وخاص، عبر تجميع الصناديق الموجودة الآن، وهي نفس التوصية الصادرة قبل 9 سنوات عن اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد. وسبق للمجلس الاعلى للحسابات أن حث الحكومة على الشروع في تدابير اصلاح هيكلي لأنظمة التقاعد ، بهدف تقريب الانظمة القائمة من نظام مستهدف تم تحديده مسبقا . و أوصى المجلس في تقريره السنوي برسم 2019 – 2020 الذي تم نشره منتصف شهر مارس الماضي ، على ضرورة تحديد مسار منظومة الاصلاح الهيكلي ، التي كان منصوصا عليها في قانون اطار يحدد الاهداف و المبادئ التوجيهية و الحكامة و الجدول الزمني للتنفيذ، و الانتقال الى النظام المستهدف، وكذا التزامات الاطراف المعنية، بالاضافة الى الدراسة المعمقة في موضوع تغطية الديون الضمنية وفقا للاهداف و المبادئ التوجيهية للاصلاح ، وفي اطار خطة تمويل شاملة للتغطية الاجتماعية . المجلس الأعلى للحسابات شدد على أنه من المهم مراجعة الإطار التنظيمي لنظام تقاعد العاملين غير الأجراء، لاسيما فيما يتعلق ببنيته الأساسية، ومعاييره الرئيسية، وكيفية عمله، وحكامته. و كان المجلس الأعلى للحسابات، قد أنجز سنة 2020 مهمتين رقابيتين، خصتا مجال التقاعد، وركزت هاتان المهمتان أساسا على الإصلاح المنهجي لأنظمة التعاقد الحالية، وكذا توسيع نطاق التغطية ليشمل العاملين غير الأجراء. وأظهرت خلاصات المهمة الرقابية ضرورة الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، مبرزة أن الإجراءات المقترحة غير كافية رغم أهميتها؛ ذلك أن المقياس المقترح لا يشمل مجموع أنظمة التقاعد، بل يقتصر على الشق المدني للصندوق، ولن يمكن سوى من تقليص العجز الحالي، وستظل المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات وسداد رواتب التقاعد.