عقد الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين يوم الاثنين يوما دراسيا حول مشروع القانون المالي كما صادق عليه مجلس النواب عرف حضور عدد من ا لخبراء والمهتمين بالقضايا المالية. وأكد محمد الأنصاري رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين في مستهل هذا اللقاء أن عقد هذا اليوم الدراسي قبل يوم على انطلاق مناقشة المشروع في لجنة المالية يروم تفحص مسار المشروع في مجلس النواب وتدقيق مختلف النقط التي استأثرت بالنقاش والوقوف على حيثياتها، مضيفا أن مجلس المستشارين بفضل تركيبة أعضائه الممثلين للغرف والجماعات والنقابات يتناول زوايا أخرى في النقاش في إطار التكامل بين الغرفتين، معبرا عن الإرادة القوية لفرق الأغلبية في تقديم تعديلات منسجمةتروم تجويد منطوق القانون المالي عند المصادقة عليه على اعتبار أنه خارطة طريق الحكومة والمجتمع برمته لسنة، لكن لها انعكاسات على مايلي من السنوات والأجيال. إثر ذلك قدم أعمار الشيخ رئيس لجنة المالية بمجلس النواب تدخلا أبرز فيه الأجواء العامة التي سادت خلال مناقشة مشروع القانون المالي مؤكدا احترام أجل تقديم التعديلات وعمل أعضاء اللجنة بأريحية مقارنة مع السنة الماضية، وتناول بالتحليل النقط التي استأثرت بنقاش أكبر في طليعتها مدونة الجمارك فيما يخص استيراد العجول وانعكاس ذلك على الفلاح الصغير، ورفع ضريبة القيمة المضافة في المواد النفطية من 7% إلى 10% ، ومصادر تمويل صندوق التكافل العائلي والتدابير المستحدثة فيما يخص تقسيم الشركات ورفع الضريبة على السجائر على غرار المشروبات الغازية ونقل وضع الشركات من الشخصية الذاتية إلى الشخصية المعنوية. من جهته، أوضح فؤاد القادري خبير وإطار بوزارة الاقتصاد والمالية أنه من الضروري التساؤل عن جدوى كل تدبير جبائي والإلمام بكل أبعاده وتأثيراته حتى ينبني كل تعديل على معيار منطقي ومحكم، مضيفا أن الفريق الاستقلالي بمجلس النواب قدم 36 تعديلا جلها كان حول الجانب الجبائي منها ما تم قبوله ومنها ما سحب أو تم رفضه من طرف الحكومة. وأكد أن التحليل القطاعي مفيد أكثر في تقديم التعديلات المتوخاة من طرف أعضاء البرلمان، لينتقل بعد ذلك إلى استعراض بعض النقاشات والتعديلات التي شهدتها لجنة المالية بمجلس النواب وخاصة التدابير التشجيعية لبناء الأحياء الجامعية وتمديد الإعفاءات في الأقاليم الجنوبية والضريبة على الشركات الصغرى والمتوسطة والجبايات المتعلقة بالعقار والضريبة على الدخل بالنسبة للربح الناتج عن تفويت القيم المنقولة، وضريبة القيمة المضافة على الألواح الشمسية، وإعفاء الكتب والأدوات المدرسية من الضريبة، وإعفاء الأدوية من الضرائب وكذا السلفات الصغرى. وأبرز أن ما يلاحظ اليوم هو نضج الإصلاح الضريبي حيث هناك توجه نحو توسيع الوعاء والحد من الإعفاءات وتخفيض الأسعار وعدم الزيادة في الضريبة، موازاة مع ذلك، يسجل رفع الحد الأدنى المعفى وتوسيع الشرائح المستفيدة وإعفاء المعاشات، مؤكدا انفتاح حزب الاستقلال على فئة المتقاعدين وبلورة عدد من الأهداف التي صاغها في برنامجها الانتخابي في إطار فلسفة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية. ونبه في ختام عرضه إلى ضرورة مراجعة السياسة الجبائية فيما يخص قطاع العقار وواجبات تسجيل الشركات ووضع تحفيزات لضمان إعادة هيكلة عدد من المقاولات. وجدد منصف الكتاني رئيس الاتحاد والعالم للمقاولات والمهن الدعوة إلى ضرورة الوعي بأهمية المقاولات الصغرى نظرا لمساهمتها في الاقتصاد الوطني، وقدم في هذا الصدد معطيات تعزز هذه النداءات المتتالية للدفع بالمقاولة الصغرى وتحفيزها نحو الإنتاج والتطور، فهناك مليون و 304 ألف مقاولة تشغل 2 مليون و 180 ألف شخص، تنشط في قطاعات التجارة والفلاحة والصيد الساحلي والخدمات والصناعة التقليدية. واستنادا إلى حجم المقاولات نجد 2000 مقاولة تشغل أزيد من 200 شخص و 23 ألف مقاولة تشغل ما بين 6 و 200 شخص وحوالي مليون و270 ألف مقاولة تشغل أقل من 6 أشخاص. وبخصوص المقاولات الصغرى المسجلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فهناك 91 ألف و120 مقاولة، 71 في المائة منها تشغل أقل من 6 أشخاص و27 في المائة تشغل بين 6 و 200 شخص و2 في المائة تشغل أكثر من 200 شخص. أما على مستوى مديرية الضرائب فهناك 57 ألف مقاولة صغرى تقدم حصيلة حساباتها، فيما تمثل محاصيل المقاولات الصغرى فيما يخص الضريبة على الشركات 20 في المائة، لكنه لاحظ أن نسبة كبيرة من المقاولات الصغرى تصل حسب دراسة لوزارة الشؤون الاقتصادية والعامة 40 في المائة تنشط في القطاع غير المهيكل، لذلك دعا الحكومة الى ضرورة توخي التوازن الاقتصادي والاجتماعي لهذه المقاولات الصغرى والعمل على دمجها في التوجهات الحكومية ووضع سياسة متناسقة وجريئة تأخذ برنامج حزب الاستقلال في الاعتبار وتعمل على تطبيق القانون 53،00 الذي هو بمثابة الكتاب الأبيض للمقاولات الصغرى والمتوسطة. ونادى بضرورة إحداث مجلس وطني للمقاولات الصغرى الى جانب الوكالة الوطنية للمقاولات الصغرى والمتوسطة لتوسيع نسيج المقاولات ومراجعة دور الغرف المهنية والمراكز الجهوية للاستثمار وهيكلة القروض المخصصة للمقاولات الصغرى وإحداث صناديق لدعم الأعمال المربحة وبالتالي تفادي مغادرة هذا النوع من المقاولات القطاع المهيكل نحو القطاع غير المهيكل. وانصب عرض الدكتور مصطفى حدية أستاذ جامعي وخبير في المجال الاجتماعي حول الجانب الاجتماعي في مشروع القانون المالي مبرزا أن الحكومة بذلت مجهودا في هذا المشروع وفي مقدمة ذلك منظومة التربية والتكوين حيث رصدت مبلغ 50 مليار درهم بناء على التعاقد والنتائج السنوية مع توخي صرف هذا الغلاف بشفافية لدعم التمدرس والجودة والتفوق، ثم محاربة الأمية والتربية غير النظامية إذ رصد لهذا البرنامج 175 مليون و 739 ألف درهم لتعزيز المكتسبات السابقة والقضاء على الأمية في أفق 2015 وينتظر أن يستفيد من البرنامج هذه السنة 800 ألف شخص 71 في المائة منهم نساء، تقطن نسبة 52 في المائة منهن في الوسط القروي. الجانب الآخر الذي ركز عليه يتمثل في ملاءمة التكوين مع سوق الشغل وهو ما رصد له مليار و144 مليون درهم لرفع عدد الخريجين وضمان الإدماج بعد التخرج بغية حصر معدل البطالة. ولاحظ أن المجهود على مستوى الصحة يبقى غير كافٍ بالرغم من تحسن المؤشرات على مستوى الولوج للخدمات الصحية وضمان التوازن في العلاجات على المستوى الترابي وتتبع صحة الأم والطفل وتقليص وفيات الواضعات والرضع. واعتبر المهدي التومي نائب رئيس لجنة الضرائب بالاتحاد العام للمقاولات بالمغرب أن هناك إيجابيات تحققت في الغرفة الأولى، مضيفا أن المقاولة المغربية تطمح للمزيد من الدعم الضريبي في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث تمت المطالبة مثلا بخصم ضريبي للشركات التي تقوم بأبحاث لتطوير ذاتها (credit d impot recherche)، ودعا إلى ضرورة تعميق النقاش فيما يخص انتقال المقاولات من الشخصية الذاتية إلى الشخصية المعنوية على اعتبار أن مقاولات يسيرها أشخاص ذاتيون لها رقم معاملات كبير، كما نبه إلى ضرورة مراجعة التحفيزات للولوج إلى البورصة بهدف ضمان المزيد من الشفافية ومراجعة التدابير الخاصة برفع رأسمال الشركات وواجبات التسجيل. واقترح العمل بقانون مالي استدراكي على غرار بعض الدول إذا ما اتضحت الضرورة لتعديل القانون المالي المصادق عليه. وختم سلسلة العروض عادل الدويري رئيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين الذي أوضح في البداية أن عددا من الأفكار والمقترحات لاتزال متداولة بخصوص الإشكاليات المطروحة في مشروع القانون المالي رغم مصادقة مجلس النواب عليه، وذلك من قبل وزارة المالية ذاتها وخاصة ما يتعلق بالعقار. وأبرز أن حزب الاستقلال من خلال برنامجه لديه أولويات وفلسفة اقتصادية واضحة تنبني على التشغيل المستديم وتقوية المقاولة الصغرى وأن دور الفريق البرلماني الاستقلالي اقتراح بدائل لكل توجه غير صائب للحكومة معتبرا أن التنسيق بين مكونات الأغلبية يضفي القوة على التعديلات. وقال إن إيجابية مشروع القانون المالي هو رفع غلاف الاستثمار العمومي وتدعيم الطلب الداخلي وتحديد نسبة العجز في 4 في المائة على اعتبار أن استمرار انخفاض المديونية هو الأهم والتحكم في هامش التصرف. ونبه إثر ذلك إلى عدد من السلبيات من ضمنها إقرار 3 في المائة للتسجيل عن كل سهم بدون سقف ورفع ضريبة الرفع من رأسمال الشركات إلى 20 في المائة وإبقاء ضريبة توزيع الأرباح في 10 في المائة، مؤكدا أن حزب الاستقلال يدافع على استمرار المقاولة والحفاظ على مناصب الشغل وبالتالي يطالب بعكس هاتين الضريبتين لضمان عدم إفراغ المقاولة من رأسمالها والتحفيز على مضاعفة الإنتاج واستمرار المقاولة حية جيلا بعد جيل. وأشاد بمبادرة تحويل التحفيزات في المجال العقاري من المنعش العقاري إلى المستفيد من السكن الاجتماعي حتى تبلغ هذه البرامج أهدافها التضامنية الاجتماعية. وأبرز عبد الكبير برقية وعلي قيوح ومحمد العزري والطيب الموساوي وفؤاد القادري أعضاء الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين الذين تناولوا الكلمة على التوالي خلال المناقشة ضرورة الاعتناء بالعنصر البشري وضرورة إبراز كل القطاعات في مشروع القانون المالي وخاصة الصناديق وعدم حصر النقاش في ا لجبايات، والدمقرطة في أداء الضرائب والانكباب بما يكفي من ا لوقت لصياغة التعديلات الأساسية، وتحفيز المنعشين العقاريين المتوسطين عبر خفض عدد الوحدات السكنية المشروطة وإيجاد صيغ لتشجيع إحداث الأحياء الجامعية وحل مشاكل إيواء الطلبة، ومعالجة إشكالية الاستثمار في الأقاليم الجنوبية. ودعوا إلى ضرورة أن تكون التعديلات في صالح المغرب قاطبة والتعامل مع القانون المالي في إطار وطني وسياق دولي.