الصورة التي نشرت في وسائل الإعلام للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وهو يزور (نظيره) ابراهيم غالي في المستشفى العسكري بالجزائر العاصمة ، لفتت نظري وجود سعيد شنقريحة رئيس الأركان العامة في الجيش الجزائري إلى جانبه خلال هذه الزيارة. فليس من البروتوكول المتبع في الدول التي تحترم نفسها ، أن يرافق رئيس الدولة رئيس أركان الحرب العامة ، في مناسبة كهذه . ولكنها الجزائر التي لا تراعى فيها التقاليد و الأعراف و قواعد السلوك التي تعتمدها دول العالم . ولذلك فإن هذه الصورة التي استرعت انتباهي ذات دلالة خاصة تقرأ في ضوء الواقع الشاذ في هذا البلد الذي عودنا على الشذوذ في سكناته و حركاته. تنطق الصورة بأن الجيش هو الحاكم المطلق في الجزائر ،وبأن رئيس الجمهورية ليس سوى موظف سامٍ لا أقل ولا أكثر ، في أجهزة الدولة . ولذلك كان يصح أن تكتب تحت الصورة ، الجنرال سعيد شنقريحة يزور زعيم البوليساريو في المستشفى برفقة الرئيس تبون . وما دام لم يكتب هذا التعليق تحت الصورة ، فإن الأمر واضح ، وليس من اللائق توضيح الواضحات. الرئيس الجزائري الذي فضح نفسه في المقابلة التي نشرتها معه مجلة (لوبوان) الفرنسية، لاشك أنه هنأ ابراهيم غالي على سلامة العودة من اسبانيا سالماّ معافى ، لا من الداء الفتاك ، و إنما من القضاء الإسباني الذي راعى ظروفه ، فسمح له بالمغادرة على جناح السلامة إلى الجزائر، وليس إلى عاصمة(دولته )المزورة كما الهوية التي دخل بها إلى اسبانيا. ولا شك أن الرئيس تبون أسمع (نظيره) كلاماّ مقذعاّ سفيهاّ كريهاّ في حق المغرب و قيادته ، بل في حق المغاربة (الذين لايحترمون الحالة المرضية لأحد أبنائهم و إن كان يعمل للانفصال عن وطنه) . إذ لا يمكن للرئيس الجزائري ، ولا لغيره ،أن ينكر هذه الحقيقة ، وهي ان البوليساريو مغاربة غرر بهم و ضللوا ودفعوا إلى الخيانة ورفع السلاح في وجه دولتهم . لا شك أن رئيس الدولة الجزائرية أفرغ ما في جعبته خلال عيادته للزعيم (رئيس الدولة) الذي لا دولة له ،على نحو ما فعل مع المجلة الباريسية التي أساء إليها بقدر ما أساء إلى الشعب الجزائري ، سواء علم أم لم يعلم .فهو عبر عن مكنون نفسه و صرح بما يعلم ويحس و يدرك ، فكان فارساّ لا يشق له غبار في البذاءة و الإسفاف وعدم اللياقة، مما أعاد بالعلاقات الجزائرية المغربية إلى المربع الأول ،ضداّ على مصالح الشعب الجزائري الذي يعرف أهمية التقارب مع المغرب، ويقدر بوعي كامل المصالح الحيوية التي تربطه بالمغرب.
إن ما قاله الرئيس الجزائري في حق المملكة المغربية وفي ثوابتها و مقدساتها هو بمثابة إعلان حرب ، فقد هدم الجسور و أحكم القطيعة ودمر كل الوشائج المتينة التي يعتز بها الشعبان الشقيقان. فهل فكر في مصلحة بلاده ، أم أنه ينفذ أوامر الجيش الذي جاء به إلى سلطة الحكم؟.
هذه حالة شاذة من العداوة تمثلت في الأقوال التي فاه بها الرئيس الجزائري إلى المجلة الفرنسية . فليس في تلك المقابلة سياسة ولا ديبلوماسية ولا أخلاق ولا مراعاة لأي اعتبار من الاعتبارات التي يراعيها رؤساء الدول حين يتحدثون إلى الصحافة.